للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على مبلغ الجهد، فليس هو مع التَّشمير واجتناب التقصير ملابِساً عدواناً، بل هو منسلك في سبيل الامتثال (١).

وقال أبو هاشم: هو إلى الانفصال عاصٍ، وعَظُمَ النكير عليه من جهة أن من فيه الكلام لا يألوا جهداً (٢) في الامتثال، وإذا كانت حركاته امتثالاً، استحال أن تكون محتسبةً عليه عدواناً، وهذا المسلك ناءٍ عن طريق القول في الصلاة في الدار المغصوبة، فإن العدوان في تلك المسألة غير (٣) مختصٍّ بالصلاة وحكمها، فانفصل مقصود الصلاة عن مقتضى النهي عن الغصب، كما سبق مقرراً.

والأمر بالخروج فيما نحن مدفوعون إليه مباين للعُدوان على حكم المضادَّة، فكان الحكم (٤) للخارج بمُلابسة الامتثال في جهة ترك العدوان مناقضاً لاستصحاب حكم العدوان عليه، وهذا يَلزَمُ أبا هاشمٍ جدّاً، من حيث إنه جعل أكوان الغاصب خارجةً عن وقوعها طاعةً في جهة الصلاه، ورأى تقرير ذلك تناقضاً، فكيف يحكم على الخارج بالامتثال مع استمرار حكم العدوان عليه؟

والذي هو الحق عندي أن القول في ذلك معروضٌ على مسألةٍ من أحكام المظالم، وهي أن من غصب ما لا وغاب به، ثم ندم على ما تقدم وتاب (٥)، فالذي ذهب إليه المُحَصِّلُون أن سقوط ما يتعلق بحق (٦) الله يتنجز إما مقطوعاً به على رأيٍ، أو مظنوناً على رأي، وأما ما يتعلق بمطالبة الآدميِّين، فالتوبة لا تبرئُهُ منها، ولست أعني بها الغُرْمَ، وإنما أعني بها الطلبة الحاقة في القيمة.


(١) تحرفت في (أ) إلى الأمثال.
(٢) " جهداً " ليست في (أ) و (ش)، وهي من " البرهان ".
(٣) " غير " سقطت من (أ).
(٤) في (ش): الحاكم، وهو خطأ.
(٥) في " البرهان ": وثاب، وفيه بعدها عبارة " واسترجع وآب، وأتى بتوبته على شرطها ".
(٦) " بحق " سقطت من (أ)، و (ف).

<<  <  ج: ص:  >  >>