للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيطانية" (١) وهو قوله: ومن ظن إن القدر حجة لأهل الذنوب (٢) فهو من جنس المشركين الذين قال الله تعالى عنهم: {سَيَقُولُ الذين أشركوا لو شاء الله ما أشْرَكْنا ولا آباؤُنا} قال الله ردّاً عليهم (٣): {كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} إلى قوله: {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} [الأنعام: ١٤٨ - ١٤٩].

ولو كان القدر حجة لم يعذب الله المكذبين للرسل، وتكلم في حديث مُحاجَّة آدم وموسى في هذه الرسالة المذكورة بكلامٍ نفيس يأتي عند الكلام على الحديث إن شاء الله تعالى.

وكذلك رفيقه في السماع وتلميذه ابن كثيرٍ رد على الجبرية بما يأتي ذكره عند الحديث.

وقال شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر الحنبلي المعروف بابن قيم الجوزية في كتابه " الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي " (٤) بعد ذكره لأنواع الشرك في الفصل الثاني الذي ترجم عليه بأنه يكشف سر المسألة ما لفظه: وكذلك ما قدره حق قدره من قال: إنه يعاقب عبده بما لا يفعله العبد ولا له عليه قدرة، ولا تأثير له فيه البتة، بل هو نفس فعل الرب جل جلاله، فعاقب عبده على فعله وهو سبحانه الذي جبر العبد عليه، وجبره سبحانه على الفعل أعظم من إكراه المخلوق [للمخلوق]، فإذا كان من المستقر في الفطر والعقول أن السيد لو أكره عبده على فعلٍ، أو ألجأه إليه، ثم عاقبه عليه، لكان قبيحاً، فأعدل العادلين، وأرحم الراحمين كيف يجبر العبد على فعلٍ لا صنيع له فيه ولا تأثير، ولا هو واقعٌ بإرادته، بل ولا هو فعله البتة، ثم يعاقبه عليه عقوبة


(١) " الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان " ص ١٠٤.
(٢) " لأهل الذنوب " لم ترد في " (أ) و (ش) و (ف)، وهي من " الفرقان ".
(٣) عبارة " رداً عليهم " من " الفرقان ".
(٤) ص ١٦٤ - ١٦٥ و١٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>