للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَالِمُونَ} [القلم: ٤٢ - ٤٣]، وقوله: {عَلِمَتْ نفسٌ ما قَدَّمَتْ وأخَّرَتْ} إلى: {يَعْلَمونَ ما تَفْعَلونَ} [الانفطار: ٥ - ١٢]، وأمثال ذلك، ولا حاجة إلى التطويل فيه لعدم ظهور المنازع، وفي كتب الأشعرية مِنْ رد الجبر مثل ما في كتب المعتزلة.

وإن كان المتكلِّم بذلك أراد الترجمة بذلك عن مذهب أهل السنة أجمعين فقد فَحُشَ خطؤه، وقد مضى بيان افتراق مذاهبهم (١) وإجماعهم على نفي الجبر وإثبات الاختيار.

وإنما صواب العبارة عن مذهبهم الذي لا يفترقون فيه: أن الكفر وجميع القبائح من العباد باختيارهم بقَدَرٍ من الله سابقٍ، وتمكينٍ للعباد لاحقٍ، لما (٢) في الجمع بين التقدير والتمكين من الجمع بين حكمة (٣) الله البالغة، وحجته (٤) الدامغة، وعِزَّتِه القاهرة، ومشيئته النافذة، ومطابقة آياته الكريمة وحسنى أسمائه الشريفة، ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها، ومن أُمَّهاتها: الملك الحميد.

فاقتضى تفرده بكمال الملك والعزة، وعلم الغيوب، والقدرة على كل شيء، والكمال الأعظم في ذلك كله، نفوذ المشيئة وسبق القضاء، كي لا يفوت عليه مرادٌ فيما يتعلق بالعباد مثل مالا لا يتعلق بالعباد.

وهنا خالفت طوائف المبتدعة من المعتزلة والقدرية، ويكفيك في هذا المقام أن تؤمن بأن الله على كل شيء قدير، وبما ورد من آيات المشيئة مثل قوله تعالى: {وما تشاؤون إلاَّ أن يشاء الله} [التكوير: ٢٩] وقوله: {وَلَوْ شِئْنا لآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاها} [السجدة: ١٣] ونحو ذلك.

وتؤمن مع ذلك بأنه حكيم في جميع ذلك، له الحكمة البالغة، والحجة الدامغة، وزياده السُّنِّيِّ على هذا القدر يوقعه في نفي التقديس والتسبيح، فافهم


(١) في (ش): مذهبهم.
(٢) " لما " سقطت من (أ).
(٣) في (ش): حِكَمِ.
(٤) في (ش): حججه.

<<  <  ج: ص:  >  >>