للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذلك ثبت في " البخاري " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في مناجاته في قيام الليل: " أنت الحقُّ، ووعدك الحق، ولِقَاؤُك الحَقُّ، وقولك حقٌّ " (١).

ولذلك قال الله تعالى في حق من أنكره: {قُتِلَ الإنسانُ ما أَكْفَرَهُ} [عبس: ١٧]، فكذلك من أنكر اختصاصه بالحق دون الباطل من جميع الوجوه كما قدَّمْتُه، وكما يأتي في تفسير: {بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} وما في معنى ذلك.

النوع الثالث: قوله تعالى حكايةً عن كليمه موسى عليه السلام: {فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ} [القصص: ١٥].

وقال تعالى في نحو ذلك: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} [المائدة: ٩٠] يعني المعاصي المتعلقة بها من أفعال العباد، ولذلك قال بعد ذلك: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: ٩١].

ومنه قوله تعالى: {وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} [البقرة: ١٦٨]، ومنه: {مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي} [يوسف: ١٠٠].

ومن ذلك ما حكاه الله تعالى عن رسوله أيوب عليه السلام حيث قال: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ} [ص: ٤١]، فأضاف ما أصابه إلى الشيطان، وإن كان من فعل الله، لأنه عقوبةٌ على ذَنْبِهِ الذي هو من الشيطان، والله تعالى منه بريء، مبالغةً في الأدب، وعملاً بسنة الله في ذلك حيث قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: ٣٠] وفي قراءة: {فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} (٢)، وقوله:


(١) " صحيح البخاري " (١١٢٠) و (٦٣١٧) و (٧٣٨٥) و (٧٤٤٢) و (٧٤٩٩) من حديث ابن عباس. وأخرجه ابن حبان في " صحيحه " (٢٥٩٧) و (٢٥٩٨) و (٢٥٩٩)، وانظر تخريجه فيه.
(٢) هي قراءة الجمهور، وقرأ نافع وابن عامر: {بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} بغير فاء. انظر "حجة =

<<  <  ج: ص:  >  >>