للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا} [الزمر: ٤٨]، وقوله: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} [الروم: ٤١] وأمثال ذلك كما يأتي في موضعه.

فاخبرني أيها السُّنِّيُّ على الإنصاف: من أعلم بأقدار الله، والفرق (١) بين ما يضاف إلى الخلق وإلى الله: كبار أنبيائه ورسله، أو أصاغِرُ الأشاعرة المترجمون في دعواهم عن أهل السنة؟ وأيُّ كتابٍ أصدق من كتاب الله؟ وأي عبارةٍ أفصحُ منه؟

النوع الرابع: أنه ثبت بالنصوص والاجماع أن نسبة القبائح بالإضافة إلى الله تعالى لا يجوز ولا يصدق، أعني بصيغة الإضافة، فلا يقال في الذنوب: إنها ذنوب الله، ولا في الكفر: إنه كُفْرُ الله، فكذلك لا يقال: إنها منه، لأن ما كان منه أُضِيفَ إليه، قال الله تعالى في ذلك: {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ} [البقرة: ٩٣] فثبت أنه منهم حين حَسُنَتْ إضافته إليهم، وقَبُحَتْ إضافته إلى الله.

وكذلك قوله تعالى: {وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا} [الفرقان: ٥٨].

وقوله حكايةً عن خليله عليه السلام: {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} [الشعراء: ٨٢] أضاف الخطيئة إلى نفسه، والمغفرة إلى ربه، ولم يجعلهما معاً من ربِّه.

ومنه: {كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ} [البقرة: ١٦٧]، ومنه: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: ٣٣]، ومنه: {أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ} [الحجرات: ٢]، ومنه: {فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ} [آل عمران: ١١]، ومنه: {فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ} [آل عمران: ١٣٥].

يوضحه: أن الله تعالى ساوى (٢) بين الإضافة بصيغتها والإضافة بمن،


= القراءات" ص ٦٤٢، و" زاد المسير " ٧/ ٢٨٨.
(١) " والفرق " سقطت من (ش).
(٢) في (ش): سوى.

<<  <  ج: ص:  >  >>