للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحتى قال بعضُ علماء الكلام: إن اللذة هي الخروجُ من الألم.

وإذا تقرر ذلك لم يمتنع (١) أن يكون من حِكَم الله في الشرور أن يكون له الشكر على كِلتا (٢) النِّعمتين، وذلك على مقتضى الحديث الصحيح أنه " لا أحد أحبُّ إليه الحمد من الله " ويكون لأوليائه من مراتب الصبر الرفيعة ما (٣) يكون لخالص الذهب عند إخلاصه، ثم يكون لهم من الثناء والثواب ما يقتضي (٤) اسمه الشكور سبحانه، ومن ثَمَّ قال في حق خليله: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ} [الصافات: ١٠٦]، وقال: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ} [يوسف: ١١٠].

فتارة يبتلي بمجرد الخوف، ثم ينجي من الوقوع في المخافة بعد حصول الرجوع إليه بالدعاء، ومعرفة الإجابة (٥) وقوة اليقين.

وتارة يبتلي بوقوع الضر، ثم يكشفه عن العبد بعد ذَوْقِ العبد الذلة (٦) والضرورة، وتضرعه إلى سيده ومولاه، ومعرفته له بكشف الضّرِّ عقيب دعائه، فيكون لله تعالى من ذلك اسم كاشف الضر، ومجيب الدعاء، والمغيث والمعين، ونِعْمَ المُستغاثُ والمستعان، وأمثال ذلك كما نبَّه القرآن عليه فيما ذكرته من الآيات.

ثم وجدت هذا منصوصاً في حديث خلق آدم، وفيه: " أن الله تعالى أخرج ذرِّيَّتَه وأَرَاهُ إيَّاهُم، فرأى فيهم الغني والفقير، والصحيح والسقيم، فقال: يا رب، هلاَّ سوَّيت بين ذريتي، فقال تعالى: فعلتُ ذلك لتشكر نعمتي ". رواه ابن كثير


(١) في (ش): يمنع.
(٢) في (أ) و (ش): كلا، والجادة ما أثبت.
(٣) في (أ): من، وكتب فوقها " ما " على الصواب، وهي كذلك في (ش): ما.
(٤) في (ش): يقتضيه.
(٥) كتب فوقها في (أ) و (ف): ظ الإنابة.
(٦) في (أ) و (ف): اللذة، وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>