للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما يدلُّ على ذلك أنه لما ادعى أبو عبد الله (١) بن مُجاهد الإجماع على تحريم الخروج على الظلمة، ردوا ذلك عليه وقبَّحوه، وكان ابن حزمٍ -على تعصُّبه لبني أُمَيَّة- ممَّن ردَّ عليه، فكيف بغيره؟ واحتج عليه ابن حزمٍ بخروج الحسين بن علي عليهما السلام على يزيد بن معاوية، وبخروج ابن (٢) الأشعث ومن معه من كبار التابعين على الحجاج، ذكره في كتاب " الإجماع " (٣) له، ورواه عنه الرِّيمَيُّ في آخر كتاب " الإجماع " له في الترتيب الذي ألحقه به، فقال ابن حزم ما لفظه: ورأيت لبعض من نَصَبَ (٤) نفسه للإمامة والكلام في الدين، فُصولاً ذكر فيها الإجماع، فأتى فيها بكلامٍ لو سكت عنه (٥)، لكان أسلم له في أُخراه (٦)، بل لعل الخرس كان أسلم له، وهو ابن مجاهد البصري (٧) المتكلِّم الطائي، لا المقريء، فإنه ذكر فيما ادعى فيه الإجماع: أنهم أجمعوا على أنه لا يُخْرَجُ على أئمة الجَوْرِ، فاستعظمتُ ذلك، ولعمري إنه لعظيمٌ أن يكون قد عَلِمَ أن مخالف الإجماع كافرٌ، فيُلقي هذا إلى الناس، وقد علم أن أفاضل الصحابة وبقية السلف يوم الحرة خرجوا على يزيد بن معاوية، وأن ابن الزبير ومن تابعه من خيار الناس خرجوا عليه، وأن الحسين بن علي ومن تابعه من خيار المسلمين خرجوا عليه أيضاً رضي الله عن الخارجين عليه، ولعن قتلتهم، وأن الحسن البصري وأكابر التابعين خرجوا على الحجاج بسيوفهم. أترى هؤلاء كفروا؟ بل والله من كَفَّرهم، فهو أحق بالكفر منهم، ولعمري لو كان اختلافاً (٨)


(١) في الأصول: " أبو بكر "، وهو خطأ. وابن مجاهد. هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن يعقوب بن مجاهد الطائي البصري، صاحب أبي الحسن الأشعري، صنف التصانيف ودرس علم الكلام، وكان حسن التدين، جميل الطريقة. مترجم في " السير " ١٦/ ٣٠٥.
(٢) " ابن " ساقطة من (ش).
(٣) ص ١٧٧ - ١٧٨.
(٤) في " الإجماع ": " ينسب ".
(٥) " عنه " سقطت من (د).
(٦) تحرفت في (ش) إلى: " أجره ".
(٧) في الأصول: " المصري "، وهو تحريف.
(٨) في الأصول: " حليفاً "، وهو خطأ والمثبت من " الإجماع ".

<<  <  ج: ص:  >  >>