للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-يخفى-، لعذرناه، ولكنه مشهورٌ يعرفه أكثر من في الأسواق، والمخدرات في خُدورِهِنَّ لاشتهاره، ولكن يحق على المرء أن يَخْطِمَ كلامه ويزُمَّه إلاَّ بعد تحقيق ومَيْزٍ، ويعلم أن الله تعالى بالمرصاد، وأن كلام المرء محسوبٌ مكتوبٌ مسؤولٌ عنه يوم القيامة مُقَلَّداً أجر من اتبعه عليه، أو وزره. انتهى بحروفه. وقرَّره الفقيه جمال الدين الرِّيَمي، ولم يعترضه.

فإذا كان هذا كلام من نصوا على أنه يتعصب لبني أمية في يزيد بن معاوية، والخارجين عليه، فكيف بمن لم يُوصَمْ بعصبيةٍ البتة، وليس يمكن أن يزيد الشيعي المحتدُّ على مثل هذا.

وممن أنكر على ابن مجاهدٍ دعوى الإجماع في هذه المسألة، القاضي العلامة عياض المالكي، قال: ورد عليه بعضهم هذا بقيام الحسين بن عليٍّ رضي الله عنه، وابن الزبير، وأهل المدينة على بني أمية، وقيام جماعةٍ عظيمةٍ من التابعين، والصدر الأول على الحجاج مع ابن الأشعث.

وتأول هذا القائل قوله: " ألا ننازع الأمر أهله " (١) على أئمة العدل.

قال عياضٌ: وحجة الجمهور أن قيامهم على الحجاج ليس بمجرد الفسق، بل لما غيَّر من الشرع، وأظهر من الكفر. انتهى كلامه.

وفيه بيان اتفاقهم على تحسين ما فعله الحُسين عليه السلام وأصحابه وابن الأشعث وأصحابه، وأن الجمهور قصروا جواز الخروج على من كان على مثل تلك الصفة، وأن منهم من جوَّز الخروج على كلِّ ظالمٍ، وتأول الحديث الذي فيه: " وألا ننازع الأمر أهله " على أئمة العدل.

وفيه أنهم اتفقوا على الاحتجاج بفعل الحسين عليه السلام، ولكن منهم من احتج على جواز الخروج على الظلمة مطلقاً، ومنهم من قصره على من فَحُشَ ظلمه وغيَّر الشرع، ولم يقل مسلمٌ منهم ولا مِنْ غيرهم: إنَّ يزيد مصيبٌ،


(١) قطعة من حديث صحيح تقدم به تخريجه ص ١٧ من هذا الجزء.

<<  <  ج: ص:  >  >>