للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحسين باغ إلاَّ ما ألقاه الشيطان على السيد، ولا طمَّع الشيطان بمثل هذه الجهالة أحداً قبل السيد.

والعجب أن السيد ادعى على ابن بطال أنه نص على ما ادعاه، ثم أورد كلام ابن بطال وهو يشهد بتكذيب السيد، فإن ابن بطال روى عن الفقهاء أنهم اشترطوا (١) في طاعة المتغلِّب إقامة الجهاد والجُمُعات والأعياد، وإنصافَ المظلوم غالباً، ومع هذه الشروط، فما قال ابن بطال عن الفقهاء: إن طاعته واجبةٌ، ولا إن الخروج عليه حرامٌ، بل قال عنهم: إنه متى كان كذلك، فطاعته خيرٌ من الخروج عليه، لما فيها من حقنِ الدماء وتسكين الدهماء.

واعلم أني لا أعلم لأحد من المسلمين كلاماً في تحسين قتل الحسين عليه السلام، ومن ادعى ذلك على مسلمٍ، لم يُصَدَّق، ومن صح ذلك عنه، فليس من الإسلام في شيءٍ، وقد ذكر المنصور بالله نزاهة الفقهاء عن هذا في الدعوة العامة كما تقدم، ثم ذكر في بعض أجوبته على وَرْدسان، وقال فيه ما لفظه: وأما فقهاء الجُرُوبِ والمَزَاود، ولُقاطاتِ الموائد، فلا يُعتدُّ بهم، ثم روى أنه حدثه من يَثِقُ (٢) به عن عبد الرحمن بن محمد الخصك الذي كان بصنعاء أنه قال بنحوٍ مما ذكره السيد، وهذا غير عبيد مما لا يُعرف بدين ولا علم، فقد كان مع يزيد جيوش كثيرة كلهم على رأيه، وكذلك جميع الشياطين على كثرتهم يُحسنون الفجور والكذب، وإنما الكلام في نسبة ذلك إلى فقهاء الإسلامِ وثقات الحُفَّاظ، ونُسِبَ إلى الغزالي كلامٌ مضمونه أنه لم يصح عن يزيد بن معاوية الرضا بقتل الحسين، وهذا يدل على استقباح قتل الحسين، بحيث لم يتجاسر الغزالي على القطع بنسبة الرضا به إلى يزيد. ذكر هذا ابن خلكان في " تاريخه " (٣) في ترجمة علي بن محمد المعروف بإلكيا الهراسي، ثم ذكر عن الهراسي صاحب الترجمة ما يخالف ذلك، وأثنى عليه حتى نقل تفضيله على


(١) في (ش): " يشترطون ".
(٢) في (ش): " وثق ".
(٣) ٣/ ٢٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>