للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأولى: من النظر، وهي أنا إذا جوَّزنا التوبة من أحدٍ لم تحل لعنته (١)، وهذا ممنوع، بل تجوز لعنته كما تجوز عقوبته على الكفر بالقتل، وبالحد، وبالجرح في الشهادة والذم حتى تصح توبته، والتجويز لا يؤثر في منع الظواهر.

الحجة الثانية: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقنت بلعن رعلٍ وذكوان وعُصَيَّة قَتَلَةِ القُرَّاء في بئر معونة، فنهي عن ذلك، ونزلت: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: ١٢٨] (٢).

والجواب: أن النهي (٣) عن ذلك مختصٌّ بحال الصلاة، والنصوص تمنع من (٤) القياس كما سيأتي بيانه.

ثم نقول: لا يخلو: إما أن يعتقدوا تحريم ذلك ظناً واجتهاداً مع تصويب من خالفهم، أو رفع الإثم عنه، فمسلم ولا يضر تسليمه، وهذا هو الذي لا يذهب المحقِّقون من أهل الحديث والأشعرية إلى غيره إن ذهب أحدٌ منهم إلى ذلك والله أعلم.

وإما أن يعتقدوا تحريم ذلك، ويفسقوا (٥) من خالف فيه، فهذا قول لا ينبغي أن يذهب إليه عالمٌ، وهو الذي ذهب إليه صاحب هذا الكلام الذي أورده ابن خلكان، وسوف يظهر من ضعفه ما يقوِّي نزاهة أبي حامد الغزالي، ونزاهة ساحته منه إن شاء الله تعالى وأما قوله: لا يجوز لعن المسلم أصلاً، ومن لعنه فهو الملعون، فالجواب عليه من وجوه:

الوجه الأول: أن المتكلم بدأ في كلامه بلعن نفسه، ولعن خيار المسلمين.

أما لعنه لنفسه، فلأنه لعن من لعن مسلماً، وحكم بأنه ملعون، وقد قرر


(١) في (د): " يحل لعنة ".
(٢) انظر ص ٧٢ من هذا الجزء.
(٣) عبارة " أن النهي " ساقطة من (ش).
(٤) " من " ساقطة من (ف).
(٥) في الأصول: " ويفسقون "، والجادة ما أثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>