للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الأول: أن كلامه يدلُّ على نقيض هذا، فإنه صرَّح فيه بأن من ظن في يزيد أنه أمر بقتل الحُسين، أو رضي به، فقد فعل ما لا يحل من ظن السوء، ومن القطع في موضع الشك، وذكر بعد هذا أنه يجوز أن قاتل الحسين مات بعد التوبة، وكل هذا يقتضي تحريم قتل الحسين عنده، ولو كان -حاشاه- باغياً، ويزيد إماماً، لكان قتله -صانه الله- واجباً فدل هذا على أنه لا حجة في هذا الكلام لمن ينسب إلى أهل الحديث والأشعرية إمامة يزيد وتصويبه في قتل الحسين عليه السلام، فإن الرجل إنما تكلم في عدم صحة أمر يزيد ورضاه بذلك، وقد تكررت منه الترضية على الحسين عليه السلام في كلامه، ولم يترحم على يزيد مرة واحدة في جميع كلامه، وهذا يدل على تعظيم الحسين وتمييزه له من غيره.

الوجه الثاني: أنا لو قدرنا صحة شيءٍ من ذلك على الغزالي، والعياذُ بالله، لم يلزم أهل الحديث والأشعرية.

الوجه الثالث: أنه قد روي عن الغزالي مذهب الروافض، ذكر الغزالي ما يقتضي ذلك في كتابه " سر العالمين وكشف ما في الدارين "، وحكاه عنه الذهبي في ترجمته من " النبلاء " (١) قال: ذكره سبطُ ابن الجوزي، وقال: ما أدري ما عذره فيه. فكما لم يلزم صحة ذلك الكلام على الغزالي والقطع على أنه معتقده، ولم يلزم أيضاً نسبة ذلك إلى أهل الحديث والأشعرية، سواء صح أو لم يصح.

الوجه الرابع: ما ذكره الغزالي في كتاب " كشف علوم الآخرة " من أن الله تعالى غضب على أهل الأرض لقتل الحسين عليه السلام، وقد مضى قريباً صحة ذلك عنه.

وأما الطائفة الثالثة، وهم الذين يقولون بتحريم لعن (٢) المعين وإن كفر، وارتكاب الكبائر، ولهم حجتان:


(١) ١٩/ ٣٢٨.
(٢) " لعن " ساقطة من (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>