للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحدٍ، مهما عَظُمَ المطلوب، قلّ المساعد، ومن خالط الخلق جديرٌ أن يتحامى، ولكن من أبصر الحق عسيرٌ عليه أن يتعامى. انتهى.

فلو صح عنه ذلك الكلام، لعرفنا بقرينة الحال، ووساطة هذا الكلام، أن حاله ما كان مساعداً له على الجهر بالحق، كيف وقد رجَّح ذلك تصريحه به في " كشف علوم الآخرة " وغيره، وقد قال في كتاب " إحياء علوم الدين " (١) في أوائله في أواخر العقيدة: إن ما جرى بين الصحابة محمولٌ على الاجتهاد، وكل مجتهدٍ من عليٍّ ومعاوية مصيبٌ أو مخطىءٌ، ولم يقل بأن علياً مخطىءٌ ذو تحصيلٍ. انتهى بحروفه.

وفيه إشارةٌ إلى ما صرح به غيره من إجماع الأئمة الأربعة، وسائر أهل السنة على أن معاوية باغٍ على عليٍّ عليه السلام، لتواتر الحديث في ذلك، كما قد ذكرته مبسوطاً في غير هذا الموضع، ولكنه كان منافياً ألا تراه ذكر في " الإحياء " (٢) في العقيدة أن الله يكلِّف ما لا يطاق، واتفق النقلة عنه أن مذهبه إنكار ذلك، نقله السبكي في " جمع الجوامع " وابن الحاجب وشرَّاح كتابه (٣) مختصر " منتهى السول " وإنما تكلم الغزالي في تحريم لعن كل فاسقٍ وكافرٍ على التعيين، إلاَّ من عُلِمَ أنه مات على الكفر، كما روى عنه (٤) النووي ذلك في " الأذكار " (٥)، وهذا لا يستلزم النصب.

وأما الروافض، فيقولون: هذا يدل على أن أهل الحديث والأشعرية يُصَوِّبُون يزيد بن معاوية في قتل الحسين عليه السلام، ويحكمون بصحة إمامته، وببغي الحسين وأصحابه عليه.

والجواب على هؤلاء من وجهين:


(١) ١/ ١١٥.
(٢) ١/ ١١٢.
(٣) " كتابه " ساقطة من (ش).
(٤) في (ش): " عن "، وهو خطأ.
(٥) ص ٥٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>