للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمين، ومن لعنه كان فاسقاً عاصياً لله تعالى، ولو جاز لعنه، فسكت لم يكن عاصياً بالإجماع، بل لو لم يلعن إبليس [طول عمره، لا يقال له يوم القيامة: لِمَ لم تلعن إبليس؟] (١) ويقال للاعن: لِمَ لعنت؟ ومن أين عرفت أنه مطرود ملعون؟ والملعون: هو المبعدُ من الله عز وجل، وذلك غيبٌ لا يُعرف إلاَّ فيمن مات كافراً، فإن ذلك عُلِمَ بالشرع، وأما التَّرحم عليه، فهو جائزٌ، بل مستحبٌّ، بل هو داخل في قولنا في (٢) كل صلاةٍ: اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، فإنه كان مؤمناً، والله أعلم. انتهى كلامه.

وقد يتعلق بهذا ثلاث طوائف: النواصب، والروافض، ومن يقول بتحريم لعن المعين، وإن كان كافراً محارباً مشركاً أو ذمياً يهودياً أو نصرانياً، إلاَّ من علمنا أنه مات كافراً، فليردّ على كل طائفةٍ:

أما النواصب، فربما فرحوا به، أو توهَّموا أن قائله منهم، فتكثروا بالإمام أبي حامد الغزالي، وليس في كلام الرجل شيءٌ من النصب أبداً، وقد اشتهر عنه أن الله تعالى غَضِبَ على أهل الأرض لقتل الحسين عليه السلام، رواه عنه الثقات، كابن حجر في كتابه " التلخيص " وابن النحوي في كتابه " البدر المنير " بل أودعه الغزالي كتابه الشهير بـ " كشف علوم الآخرة " وسيأتي ذكر ذلك قريباً.

على أن الغزالي قد صرح في خطبة " المقصد الأسنى في شرح الأسماء الحسنى " (٣) أنه كان غير متمكن من التصريح خوفاً وتقيَّةً، ومن كلامه في ذلك في هذا الكتاب المذكور: إن الإفصاح عن كُنه الحق يكاد يُخالف ما سبق إليه الجماهير، وفِطام الخلق عن العادات ومألوفات المذاهب عسيرٌ، وجانب (٤) الحق يُجَلُّ عن أن يكون مُشرَعاً لكل واردٍ، وأن يطلع (٥) عليه إلاَّ واحدٌ بعد


(١) ما بين حاصرتين سقط من الأصول، واستدرك من " الوفيات ".
(٢) عبارة " قولنا في " ساقطة من (ش).
(٣) ص ٢٣.
(٤) في " المقصد الأسنى ": " جناب ".
(٥) في " المقصد الأسنى ": " يتطلع ".

<<  <  ج: ص:  >  >>