للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البخاري" (١) مثل ذلك من حديث أبي هريرة.

فمن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين، فليكن ولدُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحب إليه من ولد صلبه، وجميع أهله، بل في " الصحيحين " (٢) من حديث أنسٍ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لا يؤمن أحدكم حتى يُحِبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسه وفي رواية: " لا يؤمن عبد حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ".

فليتصوَّرِ المسلم أنه مكان الحسين رضي الله عنه، وأنه فعل به ما فُعِل بالحسين عليه السلام، وليتصور كيف يكون غضبه على من فعل به ذلك، بل يجب أن يكون أعظم من ذلك، فإنَّ المسلم يُستحبُّ له أن لا يغضب لنفسه، ويجب عليه أن يغضب لمعصية الله، ويُستحب له أن لا ينتصر (٣) لنفسه، ويجب عليه أن يَنْصُرَ أخاه المسلم المظلوم. فإذا عرفت هذا، فاحذر أيها السني أن يخدعك الشيطان بتحسين الكلام في يزيد والمجادلة.

فأمَّا لعنُ من لعنه، وتفسيق من سبه، فتهوُّرٌ في مهاوي الجهل والفسوق إلى مرمى سحيقٍ، ونزوع (٤) عن الإيمان والإسلام، لا عن التدقيق والتحقيق.

وأما تعلُّقه بأن المسلم أفضل من البهيمة، وحُرمتُه أعظم من حرمة الكعبة، فذلك المسلم الكامل الإسلام بالإجماع، فإن مرتكب الكبائر يجب حدُّه وإهانته، ويستحق الغضب من الله تعالى والعذاب، ولا يجوزُ شيء من ذلك في حق البهائم والكعبة المعظَّمة.


(١) رقم (١٤). ورواه أيضاً النسائي ٨/ ١١٥، وابن منده في " الإيمان " (٢٨٧).
(٢) البخاري (١٣)، ومسلم (٤٥)، وأخرجه أيضاً أحمد ٣/ ١٧٦ و٢٧٢، والدارمي ٢/ ٣٠٧، والترمذي (٢٥١٥)، والنسائي ٨/ ١٢٥، وابن ماجه (٦٦)، وابن حبان (٢٣٤)، وانظر تمام تخريجه فيه.
(٣) في الأصول: " ينصر ".
(٤) في (ف): " ونزوح ".

<<  <  ج: ص:  >  >>