للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قوله: إن التعصب قد تطرَّق في الواقعة، وكثرت فيها الأحاديث.

فالجواب من وجوه:

الوجه الأول: أن هذا إشارةٌ إلى خلافٍ وقع، ولم يقع خلافٌ، بل نقل الموافق والمخالف أن يزيد كان بغيضاً ناصبياً شِرِّيباً فاسقاً.

الثاني: أن المختلفين في الواقعة طائفتان، طائفةٌ أثنوا على يزيد، وهم النواصب، وطائفة دمُّوهم، وهم سائر المسلمين. والتعصب لا يكون مع جميعِ الطائفتين، فوجب أن يكون مع من أثنى عليه، لأن الطائفة هم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كالحسين وبعض أصحابه، فإنهم صحابةٌ إجماعاً، ولا يجوز نسبة التعصب إليهم، وكذلك من قدمنا ذكره فيمن تكلم على يزيد من أئمة الحديث كالخطابي وابن حزم والذهبي وغيرهم.

الثالث: ليس كل قصةٍ (١) وقع فيها تعصُّبٌ، فقد جهلت، وعمي أمرها، فقد وقع التعصب في العقائد وكثير من الوقائع، بل يؤخذ بما تواتر وبما صح عن الثقات ويُترك كلام المتعصبين.

وأما قوله: إن القاتل ربما مات على التوبة، فصحيحٌ، ولكن أين التوبة وشرائطها الصحيحة؟

وأما قوله: فإذاً لا يجوز لعن أحد ممن مات من المسلمين، ومن لعنه كان فاسقاً عاصياً لله تعالى، فقد تقدم الجواب عليه، وما فيه من الخطر العظيم، وأن ذلك خلاف كلام العلماء، وقد قيَّد النووي ما أطلقه هذا، فقال في " رياض الصالحين " (٢): باب تحريم سب الأموات بغير حقٍّ ومصلحةٍ شرعيةٍ وهي التحذير من الاقتداء به في بدعته وفسقه ونحو ذلك. انتهى.

وقد تقدم أن الله تعالى لعن الظالمين، وذلك يعمُّ الأحياء منهم والميِّتين،


(١) في (ف): " قضية ".
(٢) ص ٥٩٣ بتحقيقنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>