للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدنيا أهون على الله من قتل رجلٍ مسلمٍ" (١).

وعن المقداد، قلت: يا رسول الله، لو أن رجلاً من الكُفَّار ضربني، ثم قال: أسلمت لله، أقْتُلُهُ؟ قال: " إن قتلته، فإنك بمنزلته قبل أن يقولها ". رواه البخاري ومسلمٌ (٢).

وثانيهما: المجاهرة بما علم أنه من لوازم النِّفاق من بغض أمير المؤمنين علي عليه السلام، ومن كان معه من خِيرَةِ الأصحاب من المهاجرين والأنصار وبُغض ذُرِّيَّته وأهل بيته الذين هم أهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأحب أهل الأرض إليه، وشَجَنَهُ في الدنيا، وعلاقة همِّه، وريحانة نفسه، وخُلاصة من بعده، فكيف إذا وقع ذلك القتل المعظَّم قليله في عامة المسلمين وقوعاً فاحشاً على أقبح الوجوه في هؤلاء الذين هم أحب الخلق إلى الله، فظهرت به المسرة والاغتباط، ووقع الإصرار على ذلك وعدم الندم والاستغفار؟! وقد صح من حديث أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " من عادى لي وليّاً فقد آذنته بحربٍ " رواه البخاري (٣).

فهذا في مجردِ بُغض وليٍّ منهم واحدٍ، كيف (٤) ببغض طائفتين عظيمتين من خيار الأولياء، وإخافتهم في حَرَمِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ونصيب الحرب لهم، وسفك دمائهم، والمسرَّة بذلك، والغبطة به، والإصرار عليه؟ وقد ملك كثيرٌ من الظَّلمة أكثر مما ملك (٥) يزيد، وطالت لهم المدة، ومالوا إلى الدنيا، واستغرقتهم


(١) الترمذي (١٣٩٥)، والنسائي ٧/ ٨٢ - ٨٣، وقال الترمذي: روي موقوفاً، وهو أصح.
(٢) البخاري (٤٠١٩) و (٦٨٦٥)، ومسلم (٩٥)، ورواه أيضاً أبو داود (٢٦٤٤)، وأحمد ٦/ ٣ و٤ و٥ و٦، وابن حبان (٤٧٥٠)، وانظر تمام تخريجه فيه.
(٣) أخرجه البخاري (٦٥٠٢)، وأبو نعيم ١/ ٤، والبيهقي في " الزهد الكبير " (٦٩٠)، والبغوي (١٢٤٨).
(٤) في (ف): " فكيف ".
(٥) في (ف): " أكثر مما لك ".

<<  <  ج: ص:  >  >>