للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فسوقٌ، وقتاله كفرٌ" (١)، والسِّباب من أمارات البغض بالاتفاق، والحرب أعظم منه.

أو يقال: إن محاربه منافقٌ مستور، لا يجب الحكم بنفاقه، فهذا -على تسليمه- يعود حجةً للخصم، ثم إن أهل البيت قبلوا رواية المتأولين ممن حاربه كالخوارج (٢)، وادَّعَوُا الإجماع على ذلك، كما ذكره المنصور بالله، وقد تقدم أول الكتاب مبسوطاً، وليس هذا حكم المنافقين، فيمكن أن يكون هو في ذلك العصر، كمُبغضِ الأنصار من المنافقين، ويمكن أن يكون نفاقٌ دون نفاق، كما قد صحَّ كفرٌ دون كفر، وإيمانٌ دون إيمانٍ بالنصوص والاتفاق في بعضها مثل كفر النساء، أي: كفر العشير (٣)، ويؤيده أنه قد ثبت أن من كان إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان، فهو منافقٌ كامل النِّفاق (٤)، ومع ذلك (٥) لم يحكم له بالنِّفاق الأكبر، مع تأكيد نفاقه بالكمال، ويوضحه (٦) أنه نفاقٌ يتجزّأ، والنِّفاق الأكبر لا يتجزّأ، ويوجب التأويل مع ذلك من العقل أنا نعلم من القرائن الضرورية أن الخوارج ما كانوا بأجمعهم يُضمرون تكذيبَ النبي - صلى الله عليه وسلم - وتكذيب المعاد وصحة الشِّرك ونحو ذلك، ويقوِّيه أنه قد ثبت تأويل صدر (٧) الحديث الأول، وهو أنه لا يحبه إلاَّ مؤمن، فإن الذين عبدوه وأشركوا بالله في ذلك كانوا يحبونه بالضرورة، وقد كفَّرهم وحرَّقهم بالنار، وكذلك من يحبه من الكفرة كالباطنية.

فإن قيل لعله يختم لهم بخير.

قلنا: ليس الكافر يُسمى مؤمناً إذا كان يُختَمُ له بخير، والذين قتلهم عليٌّ عليه السلام وحرَّقهم على عبادته لم يُختم لهم بخيرٍ، وليس تأويل الحديث


(١) تقدم غير مرة.
(٢) في (ش): " من الخوارج ".
(٣) انظر ٢/ ١٦٢ و٤/ ١٩٩.
(٤) انظر ص ١١١ من هذا الجزء.
(٥) في (ف): " ولذلك ".
(٦) في (ف): " ويؤيده ".
(٧) في (ش): " شطر ".

<<  <  ج: ص:  >  >>