للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الثاني: إن دخول يزيد في عموم قوله تعالى: {ألا لَعْنَةُ الله على الظالمين} [هود: ١٨] وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لعن الله من أحدث حدثاً ومن آوى محدثاً " (١). وفيما رُوِيَ عنه - صلى الله عليه وسلم -: " لعن الله المتسلِّطَ بالجبروت ليُعِزَّ من أذل الله ويذلَّ من أعز الله، لعن الله المستحل ما حرَّم الله من عترتي " (٢) أقرب من دخوله في قول المصلين: اللهم اغفر للمؤمنين أو مساوٍ له، فكيف يجوز القطع بخروجه عن لعن الظالمين ودخوله في الاستغفار للمؤمنين؟ فما أبعدها لمن تأمل غضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على من عصى الله تعالى دون معاصي يزيد مثل غضبه على من وسم وجه الحمار حتَّى لعنه، ولعن الواشِمَة والنَّامِصَةَ، ومن أمَّ قوماً وهم له كارهون، ومن آوى محدثاً ونحوهم.

الوجه الثالث: أن الدعاء المشروع في الصلوات يحتمل أنه دعاء تشريفٍ وتعظيم، وهو نظير الدُّعاء للخلفاء الراشدين على المنابر، والفاسق لا يستحق ذلك، فكما أنه لا يحسُن ذكر الجبابرة من سُفَّاك دماء المسلمين مع الخلفاء الراشدين بالترحم والاستغفار، فكذلك لا يحسُنُ ذكر الفُجَّار والفُسَّاق بذلك في الصلاة عقيب ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذكر آله وأزواجه وذرياته وإبراهيم خليله وآله صلوات الله عليهم أجمعين.

وقد ذكر الفقهاء هذا في كراهة الصلاة والسلام على غير الأنبياء من المؤمنين كما ذكر النووي في " الأذكار " (٣). وقد كره النبي - صلى الله عليه وسلم - النظر إلى وحشي قاتل عمه حمزة بعد إسلام وحشي، وقال له: " إن استطعتَ أن لا أراك " (٤)، فهذا في حقِّ التائب من قتل عمِّه، كيف المصر على قتل ولده؟

فإن قلت: ويحتمل أنه دعاءُ رحمةٍ لعصاة المسلمين وشفاعةٍ وإغاثةٍ.


(١) صحيح، تقدم تخريجه ص ٨٩ من هذا الجزء.
(٢) تقدم تخريجه ٦/ ٤٦٧.
(٣) ص ١٩٥.
(٤) قطعة من حديث مطول أخرجه أحمد ٣/ ٥٠١، والبخاري (٤٠٧٢)، وابن حبان (٧٠١٧)، وانظر تمام تخريجه فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>