للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للضرورة، ولكنه صحَّح ذلك في أمرٍ واحدٍ، وهم صحَّحوه في أكثر منه، وليس المنكر عليهم في هذه المسألة إلاَّ قولهم بصحة الولاية من الظالم، فقد شاركهم المؤيد بالله في هذا القدر، وإن كان قد خالفهم عليه السلام في سائر ما يتعلق بالإمامة من الولايات كإقامة الحقوق (١) ونحوها، وكلامهم أقيس، لأن الولاية لا تجزىء، على أنهم قد نصوا أنه لا ولاية للظلمة مطلقاً، ولكن تنفذ بهم المصالح.

قال ابن عبد السلام في " قواعده " (٢) في أوائلها:

فصل في تنفيذ تصرف البغاة، وأئمة الجور لما وافق الحق للضرورة (٣) العامة قد ينفذ التصرف العام من غير ولايةٍ، كما ذكرنا في تصرُّف الأئمة البغاة، فإنه ينفذ، مع القطع أنه لا ولاية لهم، وإنما نفذت (٤) تصرفاتهم وتوليتهم لضرورة الرعايا، وإذا نفذ ذلك مع نُدرة البغي، فأولى أن ينفذ تصرُّف الولاة والأئمة مع غلبة الفجور عليهم، وأنه لا انفكاك للناس عنهم إلى آخر ذلك.

وقال قبل هذا الفصل بأسطر يسيرة (٥): وأما الولاية العظمى، ففي اشتراط العدالة فيها اختلافٌ لغلبة الفسوق على الولاة، ولو شرطناها، لتعطَّلتِ التصرفات الموافقة للحق في تولية من يولُّونه من القضاة والولاة والسعاة، وأمراء الغزوات، وأخذ ما يأخذونه وقبض ما يُعطونه، وقبض الصدقات والأموال العامة والخاصة المندرجة تحت ولاياتهم، فلم يشترطوا العدالة في تصرفاتهم الموافقة للحق، لما في اشتراطها من الضرر العام، وفوات هذه (٦) المصالح أقبح من فوات عدالة السلطان. انتهى بحروفه.


(١) في (ف): " من إقامة الحدود ".
(٢) ص ٦٨.
(٣) في " القواعد ": " لضرورة ".
(٤) في (ف): " تنفذ ".
(٥) " القواعد " ص ٦٨.
(٦) " هذه " ساقطة من (ف).

<<  <  ج: ص:  >  >>