للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرع ورد (١) بأن الولاية للإمام العادل، فحين تعذَّر الشرط المشروع، لم يجب علينا أن نفعل ما يشبهه في الصورة، كما أنا إذا لم نجد وليَّ المرأة المشروط إذنه في نكاحها، لم يجب علينا أن نستأذن رجلاً أجنبياً لم يرد الشرع بولايته.

وإنما اعتبرنا الرجوع إلى الإمام لما ورد الشرع بذلك (٢)، فلهذا لو لم يوجدِ الولي ولا الإمام، لم يعتبر إذن رجلٍ غير معيَّنٍ، ويمكن الفرق بين أن يرضى به المسلمون أول الأمر، ويتابعون وهو صالحٌ قبل الأمر بالاعتزال في آخر الزمان، فيكون كما قال أحمد بن عيسى عليه السلام: تزول عنه إمامة الهدى، وتبقى له (٣) الولاية بالاستصحاب، لعدم الدليل على انعزاله من النص والإجماع.

وأما المتغلِّب من الابتداء، فيحتاج من يقول بولايته إلى دليلٍ على ذلك، ويعتضد هذا الأصل بحديث البخاري عن أنسٍ، عنه - صلى الله عليه وسلم -: " اسمعوا وأطيعوا وإن استُعْمِلَ عليكم عبدٌ حبشيٌّ، كأنَّ رأسه زبيبةٌ، ما أقام فيكم كتاب الله " (٤).

وفي " مسلم " عن أمِّ الحُصين نحوه، ورواه الترمذي والنسائي (٥).

وللفقهاء أن يُجيبوا عن هذا بوجهين:

أحدهما: الجمع بالتأويل، فظاهر حديث أنسٍ وأمِّ الحصين في العامل، لا في الإمام الأعظم، لحديث علي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الأمير الذي أمر أصحابه


(١) في (ش): وارد.
(٢) في (ف): " وإنما اعتبرنا الشرع لما ورد الأمر بذلك ".
(٣) " له " ساقطة من (ش).
(٤) تقدم تخريجه ص ١١ من هذا الجزء.
(٥) أخرجه مسلم (١٢٩٨) و (١٨٣٨)، والترمذي (١٧٠٦)، والنسائي ٧/ ١٥٤، وأخرجه أيضاً أحمد ٦/ ٤٠٢ و٤٠٣، وابن ماجه (١٨٦١)، وابن حبان (٦٥٦٤)، وانظر تمام تخريجه فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>