للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ذلك مخالطة السيدين الإمامين المؤيد بالله وأبي طالب للصاحب الكافي (١)، وكان مشهور الحال من جملة وُلاة الظلمة المعروفين ببني بُوَيه، ولما مات لم يستحل المؤيد بالله وقاضي القضاة الصلاة عليه، حدثني بذلك حيٌّ الفقيه علي بن عبد الله رحمه الله -أعني تحريمهم من الصلاة عليه- وأما ظلمه وحاله، فهو معلوم، لكنه كان معتزلي العقيدة، وحسن التشيع، ذا حظ وافرٍ من الأدب والتمييز، بليغ التعظيم لأهل البيت وسائر العلماء وأهل الأدب، وقد كثُرَتْ لذلك مخالطتهم (٢) له واتباعهم له، حتى حكى في " الحدائق " (٣) أن المؤيد بالله مدحه بقصيدة بليغة ذكرها في " الحدائق " ومنها:

وكم لك في أبناء أحمد من يدٍ ... لها مَعْلَمٌ يوم القيامة ماثلُ

إليك عقيد المجدِ (٤) سارَتْ رِكابُهم ... وليس لها إلاَّ عُلاك وسائِلُ

فأعطيتهم حتى لقد سَئِمُوا اللُّهى (٥) ... وعاذَ من العُذَّال من هو سائِلُ

وأسعدتَهم والنَّحسُ لولاك ناجمٌ ... وأعززتهم والذُّلُّ لولاك شاملُ

فكل زمانٍ لم تُزَيِّنْهُ عاطلٌ ... وكلُّ مديحٍ غير مدحكَ باطلُ

وقد نَقَمَ على المؤيد هذا البيت مسلمٌ اللجي، وقال: هذا لا يليق إلاَّ في رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والقصيدة طويلةٌ معروفةٌ مشهورةٌ، ومن جُملتها:


(١) هو الوزير الكاتب الأديب الصاحب كافي الكفاة أبو القاسم، إسماعيل بن عباد بن عباس الطالقاني، كان وزيراً للملك مؤيد الدين بويه بن ركن الدين، له تصانيف، منها " المحيط " في اللغة، و" الإمامة "، و" الوزراء "، و" الكشف عن مساوىء المتنبي "، توفي سنة ٣٨٥ هـ. انظر ترجمته في " السير " ١٦/ ٥١١ - ٥١٤.
(٢) من قوله: " من الأدب " إلى هنا، سقط من (ش).
(٣) هو " الحدائق الوردية في سيرة الأئمة الزيدية " لحميد بن أحمد المحلي الهمداني، وقد تقدمت ترجمته ٣/ ٢٨٨.
(٤) عقيد المجد، أي: المجد طبع له.
(٥) اللُّهى، بضم اللام: أفضل العطايا وأجزلها، يقال: اللُّهى تفتح اللَّهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>