للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي هي المحبة والموادة التي محلها القلبُ، وأنه يستحيل من المُخالط أن يُضْمِرَ الكراهة لِمَنْ خالطه استحالةً علميةً قطعيةً، وإن لم يكن كذلك، لم يعلم أن المخالط موالي موالاة مجمع على تحريمها.

وثالثها: أن يدل بدليل صحيح قطعي أو ظني على (١) أن الزهري ما أحبهم لأمرٍ من الأمور، إلاَّ لكونهم ظلمةً عُصاة منتهكين لحُرَمِ الإسلام، لا لعَرَضٍ دنيوي يناله منهم، مثلما تجد الأشعريَّة يُحِبُّون الشيخ أبا الحسن الأشعري لكونه إمام مذاهبهم، والمعتزلة يحبُّون الجُبَّائيَّ لمثل ذلك، فهذه ونحوها (٢) موالاةٌ قطعاً، وإنما لم تشرط أن يكون الدليل هنا قطعياً، لأنه لا سبيل إلى ذلك، ولأن الظنَّ يكفي في ثُبوت الجرح عن صاحبه، ولكن لا بُدَّ أن يكون ذلك الأمرُ المجروح به قبيحاً في نفسه قطعاً، هذا إن أراد السيد أن يستدل بذلك لنفسه، وإن أراد أن يُلزِمَ غيره جرح الزهري، ويحرم على غيره المخالفة لزم (٣) أن يكون دليله على ذلك قطعياً.

ورابعها: أن يستدل السيد بدليلٍ صحيحٍ على أن الزهري في ارتكاب تلك المعصية مجترىءٌ على الله، عالمٌ بما فعل، كشربه الخمور، غير متأوِّلٍ في فعله، كالبُغاة والخوارج، ويكفيه في هذا أن يكون دليله ظنياً إن أراد الاستدلال لنفسه، وإن أراد الإلزام لغيره، وتحريم المنازعة له، لزمه أن يكون دليله قطعياً، فإذا استدلَّ السيد على هذه الأُمور الأربعة على الصِّفة المذكورة، حَسُنَ منه أن يجول في ميدان علماء الجرح والتعديل، وإلا فالصَّمت له أسلم، والله سبحانه أعلم.

الفائدة الرابعة: في الإعانة على المعاصي، وإعانة الظلمة، وهي أيضاً قسمان: قطعي وظني:


(١) " على " ساقطة من (ف).
(٢) " ونحوها " ساقطة من (ف).
(٣) في (د) و (ش): " لزمه ".

<<  <  ج: ص:  >  >>