للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال له مولى له: قد رأيت ما مرَّ عليك من الضيق، فأمسك مالك، قال: ويحك، إني لم أر السَّخِيَّ تنفعُه التجارب (١).

وقال إبراهيم بن سعد: قلت لأبي: بما فاتكم الزهري؟ قال: لم يكن يترك شابّاً إلاَّ ساءله، ولا كهلاً إلاَّ ساءله، وكان يأتي الدار من دُورِ الأنصار ولا يبقي فيها شابّاً ولا كهلاً ولا عجوزاً إلاَّ ساءلهم حتى حاول ربَّات الحِجال (٢).

وقال سعيد بن عبد العزيز: سأل هشامٌ الزهري أن يُمْلِيَ على بعض ولده، فدعا بكاتب (٣) فأملى عليه أربع مئة حديث، ثم خرج، فقال: أين أنتم يا أصحاب (٤) الحديث، فحدَّثهم بتلك الأربع مئة حتى لقي هشاماً بعد شهرٍ أو نحوه، فقال للزهري: إن ذلك الكتاب قد ضاع، قال: لا عليك، فدعا بكاتب (٥) فأملاها عليه، ثم قابل هشام بالكتاب الأول، فما غادر حرفاً (٦).

وقال معمر: ما رأيت مثل الزهري في الفن الذي هو فيه.

وقال ابن أخي الزهري: جمع عمي القرآن في ثمانين ليلة (٧).

وعن الليث بن سعد: ما رأيت عالماً قط أجمع من ابن شهابٍ، يحدِّث في الترغيب، فنقول: لا يُحسن إلاَّ هذا، وإن حدَّث عن العرب والأنساب، قلت: لا يحسن إلاَّ هذا، وإن حدَّث عن القرآن والسنة، قلت: لا يحسن إلاَّ هذا (٨).

وقال ابن أبي الزناد عن أبيه: كنا نكتب الحلال والحرام، وكان ابن شهابٍ يكتب كل ما سمع، فلما احتيج إليه، علمت أنه أعلم الناس، وبَصِرَتْ (٩) عيني


(١) " السير " ٥/ ٢٣٨.
(٢) " تهذيب الكمال " ١٢٧٠.
(٣) في (ف): " بكتاب ".
(٤) في (ف): " أهل ".
(٥) في الأصول " بكتاب "، والمثبت من " تهذيب الكمال ".
(٦) " تهذيب الكمال " ص ١٢٧٠.
(٧) " تاريخ دمشق " ص ٥٠.
(٨) " تاريخ دمشق " ص ١٠٥ - ١٠٦، و" السير " ٥/ ٣٢٨.
(٩) في (ف): " ونظرت ".

<<  <  ج: ص:  >  >>