للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى الذهبي (١) أنه خرج (٢) من عند عبد الملك، فجلس، ثم قال: يا أيها الناس، إنا قد كنا منعناكم شيئاً قد بذلناه لهؤلاء، فتعالوا حتى أحدثكم.

قال الراوي: فسمعهم (٣) يقولون: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال الزهري: يا أهل الشام، ما لي أرى أحاديثكم ليست لها أزِمَّةٌ ولا خُطمٌ؟ قال الوليد: فتمسك أصحابنا بالأسانيد من يومئذٍ، قال: وكان يمنعهم أن يكتبوا عنه، فلما ألزمه هشامٌ أن يكتب لبنيه، أذِنَ للناس أن يكتُبوا معهم.

ففي هذا ما يدل على جلالته أنه امتنع أن يُملي على أولاد هشام إلاَّ بحضرة الناس، ولما ألزمه هشامٌ ذلك، كان يُملي عليهم مع الناس، وهو متضجِّرٌ من ذلك، مُظهرٌ لكراهته من غير إثمٍ فيه (٤) ولا تحريمٍ، ولكن لما فيه من اختصاص أهل الدنيا والترفه (٥) ببذل العلم، ألا ترى كيف خرج على الناس، فقال: يا أيها الناس، إنا كنا قد منعناكم شيئاً قد بذلناه لهؤلاء هكذا (٦) بهذه العبارة المؤذنة بالتضجُّر منهم، وعدم التعظيم لهم، فإن قوله: قد بذلناه لهؤلاء، في معنى أنهم غير أحقَّاء بأن يُخَصُّوا بالعلم، ولا شك أن الملوك يأنفون من أقل من هذا الكلام، وإن نِداء الناس بهذا على أبوابهم، والإعلان به لا يَصْدُرُ ممن هو (٧) في منزلة الجند في المهانة والمداهنة.

الوجه الرابع: روى في الجزء السابع من كتاب " العقد " (٨) في حديثٍ فيه طول (٩) إن الزهري جاء وعبد الملك في إيوانٍ وعن يمينه ويساره سِماطان من


(١) " السير " ٥/ ٢٣٤.
(٢) " خرج " ساقطة من (ف).
(٣) في الأصول: " فسمعتهم " والمثبت من " السير ".
(٤) في (ش): " منه ".
(٥) في (ف): " والسرف ".
(٦) " هكذا " ساقطة من (ش).
(٧) " هو" ساقطة من (ش).
(٨) " العقد الفريد " ٥/ ١٢٦ - ١٢٧، لابن عبد ربه الأندلسي المتوفى سنة (٣٢٨ هـ).
(٩) في (ش): " حديث طويل ".

<<  <  ج: ص:  >  >>