الناس، لا يمشي أحدٌ بينهما، فقال عبد الملك للذي عن يمينه: هل بلغكم أي شيءٍ أصبح في بيت المقدس ليلة قتل الحسين؟ قال: فسأل كل إنسانٍ صاحبه، حتى بلغت المسألة الباب، فلم يرد أحدٌ فيها شيئاً. قال الزهري: قلت: عندي في هذا علمٌ، قال: فرجعت المسألة رجلاً عن رجلٍ حتى انتهت إلى عبد الملك، فدُعيت، فمشيت بين السِّماطين، فلما انتهيت إليه، سلَّمتُ عليه، فسألني من أنا، فانتسبت له، فعرفني بنسبي، وكان طلاَّبةً للحديث، فسألني، فقلت: نعم، حدثني فلان -لم يسمِّه لنا- لم يُرفَعْ تلك الليلة حجرٌ ببيت المقدس إلاَّ وُجِدَ تحت دمٌ عبيطٌ. قال: صدقت، حدثني الذي حدثك، وإنَّا وإيَّاك في هذا الحديث لقرينان.
وروى الحافظ الطبراني عن الزهري نحوه، ولفظه: قال لي عبد الملك بن مروان: أي واحدٍ أنت إن أعلمتني أي علامة كانت يوم قتل الحسين؟ قلت: لم تُرفع حصاة ببيت المقدس إلاَّ وُجِدَ تحتها دمٌ عبيط. قال: إني وأنت في هذا الحديث قرينان.
قال الهيثمي: رجاله ثقات، وخرج الطبراني عن الزهري نحوه من غير ذكر قصة عبد الملك، قال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح (١).
قلت: ورواية " العقد " أبسط، والحديث واحدٌ، ففي هذا أنه لم يُدَاهِنْه، ويتصنَّع إليه بإنكار فضائل أهل البيت عليهم السلام، وفيه أيضاً أنه إنما وصل إليه لأجل الجهاد والمرابطة كما فعل ذلك كثيرٌ من الفضلاء مع أئمة الجور.
الوجه الخامس: أنه لم يُنقل عنه أنه أثنى عليهم، ولا تصنَّع إليهم بشيءٍ من سبِّ علي عليه السلام ولا بُغضِه، ولا سبِّ أحدٍ من أهل البيت عليهم السلام، ومن المعلوم أن خُدَّام الملوك وأجنادهم أتبع لهم من الظِّلِّ، وأطوع لهم من النَّعل، يَسُبُّون من سبُّوا، ويُبْغِضُون من أبْغَضُوا، بل نُقِلَ عنه عكس