للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقضاء والأذان والإمامة (١) الكبرى والصُّغرى وغير ذلك فمن أين كنا في كل مكانٍ وزمان من لم يُتكلَّم فيه بشيءٍ، ولو كان الرجل كالقِدْحِ المُقَوَّمِ، لقال الناس فيه لو ولولا.

هذا ابن عباس حبر الأمة، وبحر التأويل، وإمام التفسير، قد اشتهر في كتب التاريخ أنه أخذ مال البصرة من غير إذن علي عليه السلام، وهذا محرَّمٌ، لا أعلم أحداً يجيزه.

وروي أن علياً عليه السلام كتب إليه في ذلك كتاباً شديداً، قال فيه (٢): أمَّا بعد فإني كنت أشركتك (٣) في أمانتي، وجعلتك شعاري وبطانتي، ولم يكن في أهلي أوثق منك في نفسي، لمواساتي ومؤازرتي، وأداء الأمانة إلي، فلما رأيت الزمان على ابن عمك قد كَلِبَ (٤)، والعدوِّ قد حَرِبَ، وأمانة الناس قد خزِيت (٥)، وهذه الأُمة قد فُتِنَتْ (٦)، قلبت لابن عمِّك ظهر المِجَنِّ، ففارقته


(١) تحرفت في (ف) إلى: " الإقامة ".
(٢) النص في " نهج البلاغة " ص ٥٨١ - ٥٨٣ تحت عنوان: ومن كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله. قال ابن أبي الحديد في شرحه ١٦/ ١٦٩، وقد اختلف الناس في المكتوب إليه هذا الكتاب، فقال الأكثرون: إنه عبد الله بن العباس رحمه الله، ورَوَوْا في ذلك روايات، واستدلوا عليه بألفاظ من ألفاظ الكتاب ثم أورد ألفاظاً من هذا الكتاب تؤيد مقالتهم، ثم قال: وقال آخرون وهم الأقلون: هذا لم يكن، ولا فارق عبد الله بن عباس علياً عليه السلام ولا باينه ولا خالفه، ولم يزل أميراً على البصرة إلى أن قتل عليه السلام ...
وهذا عندي هو الأمثل والأصوب.
(٣) في (د) و (ف): شركتك، وهو خطأ، ومعنى أشركتك في أمانتي: جعلتك شريكاً فيما قمت فيه من الأمر، وائتمنني الله عليه من سياسة الأمة.
(٤) أي: استد، وقوله: والعدو قد حَرِبَ أي: استأسد.
(٥) أي: ذلت وهانت.
(٦) في " النهج ": فَنَكَتْ وشفرت قال الشيخ محمد عبده: مِنْ فَنَكَتِ الجارية: إذا صارت ماجنة، ومجون الأمة أخذها بغير الحزم في أمرها، كأنها هازلة. قلت: وفي =

<<  <  ج: ص:  >  >>