للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحت الثرى] وعُرِضَتْ عليك أعمالُك بالمحلِّ الذي يُنادي الظالمُ فيه (١) بالحسرة، ويتمنى المضيِّع الرَّجعة، ولات حين مناصٍ، والسلام.

فهذا الكتاب فيه من التصريح كما ترى بأن ابن عباسٍ رضي الله عنه كان يعلم أن ذلك المال الذي أخذه حرامٌ، وهذا جرحٌ محقَّقٌ لو كان كل ما رُوِيَ صُدِّقَ، وكل ما قيل قُبِلَ، ولكن الذي ظهر من أمانة ابن عباسٍ وعدالته وتقواه يقتضي أن هذا غير صحيحٍ، فالمعلوم المشهور لا يعارض بالمظنون الشاذ، كيف وليس هذا في مرتبة الظن؟ وقد أطبق الصحابة والتابعون على جلالة ابن عباسٍ وأمانته، والأخذ عنه، فلم يُلتفت إلى ما شذَّ في هذه الرواية (٢).

وكذلك سائر الثقات المشاهير الذين دارت رواية العلم عليهم من أول الإسلام إلى آخره لا يُسمعُ فيهم من الأقوال الشاذة والروايات الساقطة ما لا يصح، ولا يساوي سماعه.

وإذا قد نجز الغرض من الكلام على هذه الفوائد التي جرَّ إليها الكلام في الزهري، فلنختمها بتنبيهاتٍ:

التنبيه الأول: أن حديث الزهري معروفٌ متميِّزٌ، لم يلتبس بأحاديث سائر (٣) الرواة، وجملة حديثه ألفا حديثٍ ومئتا حديثٍ، وفيه بضعةٌ غير مسند لم يُجَرِّحْ أهل الصِّحاح منه شيئاً، وهذا المسند قد صنَّفوه وثبَّتُوه، وتكلموا على رُواته، وكلُّه معروفٌ من غير طريق الزهري إلاَّ النادر اليسير، وإنما روَوْهُ من طريقه لما اختصَّ به من جَوْدَة الحفظ، وقوة الإتقان، وإنما عرفوا حفظه بموافقته للثقاتِ


= ظعنهم، فإذا مروا ببقعة من الأرض فيها كلأ وعشب، قال قائلهم: ألاَّ ضحوا رويداً، أي: رفقوا بالإبل حتى تتضحى، أي: تنال من هذا المرعى.
(١) " فيه " ساقطة من (ش).
(٢) " الرواية " ساقطة من (ف).
(٣) " سائر " ساقطة من (ف).

<<  <  ج: ص:  >  >>