للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تقدم شيء من هذا، ولكن مقتضى الحال مع لجاج أهل الزمان يقتضي التكرار والبيان الكثير، وإن سئم منه قليل النَّشاط، فالسآمة من طول الاحتجاج على الحق خيرٌ من العماية من طول السكوت عنه (١) والعارف لا يكون كسلان، ومن أحبَّ العلم، لم يسأم التطويل والتكرار.

إذا تقرر هذا، فاعلم أنه لو كان ما في هذه الكتب الصحيحة كُفراً صريحاً، لا يمكن تأويله، بل يجري مجرى سبِّ الأنبياء عليهم السلام، والأمر بعبادة الأصنام، ونحو ذلك من تجويز وأدِ البنات، ونكاح الأمهات، واستحلال الفواحش المحرمات، لم يحل الرُّجوع إليها، ولا النَّقل منها ولا نساختها لخزائن الأئمة الطاهرين من وقت الإمام الناصر أحمد بن يحيى الهادي عليه السَّلام إلى زماننا هذا من غير تحذيرٍ منها، ولا إعلانٍ لتقبيح ما فيها.

ومن العجب أنَّه ما ظهر القول بأن فيها الكفر الصَّريح الذي لا يحتمل التأويل البتة إلاَّ في شهر ذي الحجة من سنة ثمانٍ وثمانمئة سنة من السيد أيده الله، وقد تقدَّمه من هو أعلم منه وأفضل، مثل المنصور بالله، وأحمد بن سليمان المتوكِّل على الله، والإمام يحيى بن حمزة، والإمام الناصر محمد بن علي عليه السلام، وقد كان الفقيه أحمد بن سليمان الأوزري يقرىء فيها في صعدة وقت الإمام الناصر عليه السلام، وقرأ عليه الإمام الناصر والسيد أيضاً من جملة مَنْ سمعها عليه، وكانت العامة (٢) تحضُرُ في مجالس السماع على أنها كتبُ الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فما أحدٌ أنكر ذلك ولا بيَّن للعامَّة ولا للخاصة.

فلو أن الفقيه الأوزري جاء من تهامة بكتبٍ منسوبةٍ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فوجد فيها سبَّ الأنبياء وإضافة النقص إليهم بما لا يحتمل التأويل، مثل القول بأن عيسى كان ساحراً، ولم يكن يحيي الموتى على الحقيقة، ومريم العذراء البتول عليها السلام كانت (٣) ارتكبت الفاحشة، وولدها كان ولد زنى، وإنما ستر الله


(١) " عنه " ساقطة من (ف).
(٢) في (ش): " والخاصة ".
(٣) " كانت " ساقطة من (ف).

<<  <  ج: ص:  >  >>