للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليها بذكر ما ليس بصحيحٍ من كلام عيسى في المهد، ونحو ذلك، لم يشكَّ عاقلٌ في أن العُلماء والأئمة ما يقرُّونها على الأوزري، ويطلبُون الإجازة فيها، وينسخُونها، ويشحنُون خزائنهم بها، بل كانوا يَؤدِّبُون مَنْ جاء بها ومن قرأ فيها إن كان جاهلاً، ويقتلون من يعتقد صحَّتها.

فإذا كان عند السيد أن في كتب الحديث من نسبة النقص إلى الله تعالى ما لا يحتمل التأويل، فذلك أعظم من سبِّ الأنبياء ونقصهم بما لا يحتمل التأويل (١).

فإذا عرفت هذا فتنبَّه على تعريفٍ مفيد (٢)، وهو أنا لو أتينا والناس مجتنبون لها، متواصون بالتحذير من قراءتها، ثم ابتدعنا القراءة فيها، والتصحيح لها، لكنا نستحق الإنكار وأما حين جئنا والإقراء فيها مشهورٌ في المساجد منذ أعصارٍ قديمة، والمذكور في تعليق " اللمع "، و" الخُلاصة "، و" الجوهرة " التي هي مِدْرَسُ الزيدية في فُنون الفقه والكلام والأصول أنَّ الذي يكفي المجتهد معرفة كتابٍ فيها، وكتبُ الزيدية المتداولة في الحديث مفصحةٌ بالنقل منها، لم يشك أن القراءة فيها غير مُنكَرةٍ، والعمل بما فيها غير محرَّم.

وأما (٣) إن قلتم: نعلم ولا نعمل بهذا الأمر بما لا يجوز، ومثل الذين يتعلَّمون ولا يعملون، كمثل الحمار يحمل أسفاراً.

وقد طال الكلام في هذا الوجه، وهو موضعٌ لطول الكلام، وقد تبين من هذا أن رواة هذه الأحاديث لو كانوا معتمدين للكذب -كما ذكر السيد- لم يجُزِ الرجوع إلى كتبهم، ولا إلى ما يجوز أن فيه شيئاً منها من كتب الزيدية والفقهاء، ولا التقليد لمن يستجيز الاحتجاج بها، ونحن لا نعلم في تصانيف المتأخرين ما هو كذلك، ولا نعلمُ منهم من لا يستجيز ذلك، وقد انعقد الإجماع على جواز


(١) من قوله: " فذلك أعظم " إلى هنا، ساقط من (ش).
(٢) في (ش): " مقيد ".
(٣) في (ف): " فأما ".

<<  <  ج: ص:  >  >>