للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القراءة في كتب المتأخِّرين، وعلى جواز التَّقليد لهم متى كانوا مجتهدين، فما أدى إلى بطلان هذا الإجماع، فهو أولى بالبطلان.

الوجه الثالث: أن المنصور بالله قد حكى أنَّ المحققين رووا عن المخالفين لنا في الاعتقادات من غير مناكَرَةٍ، والمؤيد بالله عليه السلام قد نص على أن الظاهر من مذهب أصحابنا قبول كُفَّارِ التأويل، هكذا رواه عن أصحابنا على الإطلاق، والقاضي زيدٌ قدِ ادعى الإجماع على قبولهم، وهذا يقتضي أن مذهب الهادي والقاسم عليهما السلام قبولهم، بل قد رواه عنهما نصاً القاضي أبو مُضر خرَّجه عنهما المؤيد بالله عليه السلام، وهو أحدُ تخريجي أبي طالبٍ، وقد تقدَّم تقرير ذلك.

فإن كان هذا في حق الهادي والقاسم عليهما السلام، فكيف بغيرهما من الأئمة والرواة، فثبت بهذا أنا نُجَوِّزُ في جِلَّةِ الأئمة والعلماء المتأخرين والقُدماء أنهم يقبلون رواة هذه الكتب من أهل التأويل. فإذا ثبت ذلك، فالكذب في هذه الكتب إنما دخل (١) فيها مِنْ أنَّ الحشوية كذَبُوا فيها، لكنا بيَّنَّا أن قَبُول هؤلاء الذين سمَّاهم السيد بالحشوية مذهب كثيرٍ من الأئمة الطاهرين نصاً صريحاً، ومذهب أكثرهم قولاً ظاهراً، أو مذهب جميعهم تجويزاً محتملاً، فلا يجوز الرُّجوع إلى أحدٍ منهم حتى نظن أنه لا يروي عن كافر تأويلٍ ولا فاسقه، ولا يستجيز الرِّواية المرسلة عمَّن يقبلهما (٢)، وهذا بعيدٌ عزيزٌ، فإن أقصى ما في الباب أنا نجدٌ من لا يروي عن المتأوِّلين بأنفسهم، لكنا نجد من لا يروي عن العدل المتنزِّه عن البدع إذا كان ذلك العدل يقبل المتأولين. ألا ترى أن المؤيد بالله والمنصور بالله يقبلان المتأوِّلين بنصِّهما الصريح، ولا يوجد من الزيدية من لا يقبل حديث المؤيد بالله والمنصور بالله عليهما السلام ويرد مراسيلهما.


(١) في (ش): " يدخل ".
(٢) في (ش): " يقبلها ".

<<  <  ج: ص:  >  >>