للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن شواهده كثيرةٌ، ويتخرَّج بإثبات عالم المثال مشكلاتٌ صعبةٌ كما ذكره بعض العلماء وذكره ابن قُتيبة في فقء موسى عين ملك الموت والله أعلم (١).

وليس في هذا تشبيهٌ، لأنه كالمنام، ولا ردٌّ لتكليم الله موسى، لأن الكلام صدر من الله حقيقةً، ولكن إسماعه موسى عليه السلام كان بواسطة ذلك المثال، كما أن جبريل عليه السلام كلَّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حقيقةً، وكلم مريم أيضاً حقيقةً، وإن كان السماع منه بواسطة المثال، وليس ذلك بأعجب من سماع كلام المتكلم من صدى الجبال حين يُجيبه، ولا من رؤية صورة الأشياء العظيمة في المرآة.

ومن أوضح الأدلة على نفي الحلول: ما اتفق أهل النقل على صحته من رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - الجنة والنار في عُرض الحائط وهو في الصلاة، حتى استأخر وتقدَّم ليأخذَ قِطْفَاً من الجنَّة ونحو ذلك.

الحجة العاشرة: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يُوحى إليه وهو بين الناس، فيسمع صوت المَلَكِ، ويرى صورته، ويقرؤه، ويتحفَّظ منه، وليس من الحاضرين من يرى مَلَكاً، ولا يسمع قراءةٌ، وذلك في حال (٢) يقظته عليه السلام، وفي غير مرضٍ، وهو حجة على من ثبت عنده من علماء الكلام من المعتزلة أن ذلك لا يصح على الحقيقة، وأنه لو كان ثم أصواتٌ مسموعةٌ، لوجب أن يسمعها الحاضرون.

الحجة الحادية عشرة: حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الذي لا يُؤَدِّي زكاة ماله يمثِّلُ الله له ماله يوم القيامة شجاعاً أقرع له زبيبتان، ثم يلزمه


(١) " تأويل مختلف الحديث " ص ٢٧٦ - ٢٧٨، وحديث ملك الموت وموسى عليه السلام هو عند ابن حبان (٦٢٢٣)، وانظر تخريجه فيه.
(٢) " في حال " ساقطة من (ف).

<<  <  ج: ص:  >  >>