وسأل وزراءَه، كان المفهوم: وسألهم عن كوني واجهته، وهذا الذي ذكرت أنه المحذوفُ هو الذي اختاره العلامةُ الزمخشري (١) -رحمه الله- لم يَذْكُرْ سواه، ولكن لم يذكرِ الوجهَ في ذلك لجلائه.
وأيضاً فقوله:{إن كنتُم لا تَعْلمونَ} يفهم منه: أن الحكمة في سؤالهم الخروجُ مِن الجهل إلى العلم، أو يحتملُ ذلك، وهذا مانع مِن الاستدلال بها في التقليد. والذي يَدُلُّ على ذلك أن مَنْ قال: اشرب إن كنتَ ظامئاً، فُهِمَ منه أن المرادَ شربُ ما يُزيلُ الظمأ، فلو أن المأمورَ شَرِبَ سمناً أو عسلاً، وزعم أنه أراد امتثالَ ما أمر به، لعُدَّ أعجميَّ اللسان، أو بهيميَّ الجنان، وكذلك قولُه تعالى، {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}[النحل: ٤٣] فإنَّه يُفِيدُ سؤالاً يُخْرِجُ من الجهل إلى العلم، ولا شَكَّ أن التقليدَ لا يُفيدُ العلمَ بالإجماع، ولهذا لم يَحِلَّ التقليدُ في المسائل التي يجبُ العلمُ بها، ويمكن أن يقال: إنما فهم ذلك في قوله: اشرب إن كنت ظامئاً بالقرينة، ولذا يفهم عكسُه بالقرينة في قوله: سَلِ الأغنياءَ إن كنتَ فقيراً، فلا يفهم سؤالاً يُغني ويُخرج من الفقر. وقد يتجرد الشرط عن القرائن في الجنبتين، فلا يُفيد شيئاً، كقوله: صَلِّ إن شئت، ولكن في الآية مجرد احتمال، وهو مما يمنع القطعَ في الاستدلال.
فإن قيل: إنها مما ورد على سببٍ، ولا يُقصر عليه.
قلنا: ليسَ كذلك، لأن شَرطَ ذلك عمومُ لفظه ومعناه، ولفظ هذه الآية فيه حذف، فهو غيرُ ظاهرٍ، ومعناها خاصٌّ غيرُ عام، والعجب أن الأصوليين استدلوا بهذه الآية على جواز التقليد، من غير بيان لوجه