للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّلالة، ولا ذكر لهذا الإشكال مع جلائه.

وأما الاستدلال بالإجماع على جواز التقليد، فإنه يحتاجُ أيضاً إلى معرفةِ الكتابِ والسنةِ، لأنهما هما اللذان دلاّ على أن الإجماعَ حُجَّة، والأدلة من الكتاب على أن الإجماع حجَّة هيَ من الظواهر، ولا بدَّ من معرفة عدم النسخ والمعارض والمخصص. وأيضاًً قد منع السَّيِّد من معرفة اللغة، وقطعَ القولَ وجزمه بتعذُّرِ معرفتها، ومعاني الكتاب والسنةِ المستنبطِ منها جوازُ التقليد، وكونُ الإجماع حجَّةً مما يفتقِرُ إلى معرفة اللغة فإذا بَطَلَ معرفة تفسير القرآن، وبطلت طريق معرفة الأخبار، بطل أيضاًً ما هو فرعُ معرفة ذلك مِن جواز التقليد، فيلزم بطلانُ التكليف تقليداً واجتهاداً.

فإن قلتَ: هلا جوَّزتَ أن تُقَلِّد في كون التقليد جائزاً.

قلت: هذا لا يجوزُ على القول بأن أصل التقليد القبحُ إلا ما خصَّه الدليلُ، وهو قولُ المعتزلة والزيدية، وأكثرِ المتكلمين، ولا أعلم أحداً من أهل المذهب نصَّ على جوازه. ودليلُهم على أنه لا يجوز: أن العموماتِ قد دَلَّت على تحريمه، والتقليد إنَّما جاز في المسائل التي أفتى فيها الصحابةُ، ولم يذكروا الدليلَ كما قرَّره السَّيِّدُ الإمامُ أبو طالب -عليه السلام-، والصحابة إنما أفْتَوْا بمسائل الفروعِ دونَ مسائل أصولِ الفقه، وهذا الحكم مما نَظُنُّ أن السَّيِّد لا يُنازِعُ فيه، فلا حاجة إلى التطويل فيه.

فثبت بهذا أنه لا بُدُّ مِن صحة الرجوعِ إلى القرآن العظيم، والسنة الشريفة، وأن الطريقَ إلى معرفتهما متى تعذَّرت، تعذَّرَ الاجتهادُ والتقليدُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>