للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمجرَّد الاحتمال (١) ليس بتفسيرٍ ولا معنى للظن إلاَّ في العمليات. ومن هنا تظهر لك قوة عدم علم الراسخين بتأويل المتشابه، لأن غايته أن يكون ظناً، فلا يجوز عطفه على علم الله عزَّ وجلَّ الذي لا يدخله (٢) الظن.

فإن قيل: قد يُسمى الظن علماً.

قلنا: قد يكون كثيرٌ من التأويل لمجرد الاحتمال، ولا يُسمَّى علماً إجماعاً، وإن كان بالظنِّ، فلا يجوز هنا خاصةً تسميته علماً، لأنه مجازٌ، أو مشترك، وهو في حقِّ الله للعلم اليقين، فلو عطف عليه غيره، كنا قد استعملنا اللفظ في كلا معنييه، والصحيح أنه لا يجوز لغةً، وادعى أبو هاشم أنه محالٌ عقلاً.

وأما السمعي، فقوله تعالى: {ولا تقف ما ليس لك به علم} [الإسراء: ٣٦]، وما رُوِيَ عن ابن عباسٍ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " من قال في القرآن بغير علم، فليتبوَّأ مقعده من النار. وفي رواية: " من قال في القرآن برأيه فليتبوَّأ مقعده من النار ". أخرجه الترمذي، وحسنه (٣).

وعن جندب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " من قال في كتاب الله برأيه، فأصاب، فقد أخطأ ". أخرجه أبو داود والترمذي وغرّبه (٤).

وأما إجماع الصحابة على التفسير بالرأي، وقول أبي بكر في الكلالة: " أقول فيها برأيي " (٥)، فإنما أرادوا بالرأي: التفسير للحادثة الخاصة بالعُموم اللغوي لكي لا يُوهموا أنهم سَمِعُوا ما حكموا به عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنصوصية. ألا ترى أن الكلالة في اللغة مطابقةٌ لتفسير أبي بكرٍ؟ فلم يكن تفسيره رأياً محضاً،


(١) في الأصول: " الإجمال "، وهو خطأ.
(٢) في (ش): " لأجله "، وهو خطأ.
(٣) حديث ضعيف، وقد تقدم تخريجه ٥/ ١٩٧.
(٤) تقدم تخريجه ٥/ ١٩٧.
(٥) تقدم تخريجه ٣/ ٣٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>