للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو سلم، فذلك (١) في العمليات، ولا نزاع فيها لضرورة العمل، وإمكان الوقف في غير العمليات، ولو سلم إجماع في مسألتنا، فظنِّي، ولا ينفع هنا، الحديثان المقدَّمان يعارضانه، وهذا الذي حكاه النَّووي عنهم هو اختياري لنفسي، ولمن هو لمثل صفتي، لكني اقول: إنما يجب علينا أن نؤمن بالمعلوم من ذلك، فأما المظنون، فنؤمن به على شرط أنه صدر عن الله، أو عن رسوله - صلى الله عليه وسلم -.

قال النووي (٢): والقول الثاني -وهو قول معظم المتكلمين- أنها تُتَأوَّل على حسب مواقعها، وإنما يسوغ تأويلها لمن كان من أهله بأن يكون عارفاً بلسان العرب، وقواعد الأصول والفروع، ذا رياضةٍ في العلم.

قلت: وهذا الذي ذكره هو معنى الرسوخ في العلم، وأنا لا أُنكره على الراسخين في العلم إن تكلموا في ذلك بما يعلمونه، وإنما المنكر خبطُ الجُهَّال بغير علمٍ ولا هدى (٣) ولا كتابٍ منير.

أمَّا الفصل الأول: فالجواب: أن السيد أيده الله ذكر أحاديث معينةً، وذكر أنه لا يصحُّ لها تأويلٌ.

فنقول له: هل مرادك لا يصحُّ لها تأويلٌ عندك؟ فمسلم، ولا يضرُّك تسليمه، أو مرادُك: لا يصحُّ لها تأويلٌ في علم الله تعالى، ولا عند أحدٍ من الراسخين، فممنوعٌ، ودليل المنع وجهان:

الوجه الأول: أن موسى عليه السلام لما تعلَّم (٤) تأويل فعل الخضر عليه السلام، لم يجب ألا يعلمه (٥) الخضر عليه السلام، فإذا جاز على موسى الكليم أن يجهل ما عَلِمَهُ غيره، جاز عليك أكثر من ذلك.


(١) في (ش): " قولك ".
(٢) " شرح مسلم " ٣/ ١٩.
(٣) " ولا هدى " ساقطة من (ش).
(٤) في (ف): " لم يعلم ".
(٥) في (ف): " إلى تعلمه ".

<<  <  ج: ص:  >  >>