للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالشرع، والزجاجة والمصباح والمِشكاة والشجرة والكوكب الدُّرِّي برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبعليٍّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، وهذا تأويلٌ بعيدٌ، ومع بُعده، فلا ملجىء إليه، لأن ظاهر الآية مما يجوزُ إرادته.

وللإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة أغرب من ذلك، وهي تأويل الآية الكريمة في قصة هاروت وماروت وما أُنزل عليهما، فإنه ذكر أن ذلك كله مَثَلٌ ضربه الله تعالى على سبيل التجوز، ولا حقيقة لشيء من ذلك. حكاه لي الإمام المنصور بالله علي بن محمد بن علي.

ولمجاهدٍ التابعي الجليل مثل ذلك في اليهود والمخسوف بهم قردةً، قال: هو مثلٌ ضربه الله، حكاه عنه ابن كثير في " البداية والنهاية " في المجلد الأول (١).

وللحاكم (٢) رحمه الله تعالى قريبٌ من هذا في فضائل علي عليه السلام وأبي بكرٍ وعمر وعثمان رضي الله عنهم، ذكره في كتابه " السفينة ".

فإذا نظر الإنسان إلى كثيرٍ من تأويلات العلماء قديماً وحديثاًً، وجد فيها البعيد والقريب، فلا ينبغي أن نُنكر على من قال بصحَّة بعضِ الأحاديث، وجواز أن لها تأويلاً عند العلماء، أو تأولها بمثل هذه التأويلات، فإنه لم يؤثر عن السلف الصالح رحمهم الله تعالى النكير على من تأول تأويلاً ضعيفاً مستبعداً متى كان صحيح العقدة، والاختلاف في أن هذا التأويل قويٌّ أو ضعيفٌ أو متعسَّفٌ، لا يحتمل الإنكار والتشنيع، فتأمل ذلك.


(١) ٢/ ١١٣، وذكره أيضاً في " التفسير " ١/ ١٠٩، وقال في " البداية والنهاية ": وهذا صحيح إليه، وغريب منه جداً، ومخالف لظاهر القرآن، ولما نص عليه غير واحد من السلف والخلف، والله أعلم.
(٢) هو أبو سعيد المُحَسِّن بن محمد بن كَرَّامة الجشمي البيهقي الحنفي ثم الزيدي، وكتابه " السفينة " يقع في أربع مجلدات ومضمونه التاريخ جمع فيه سيرة الأنبياء وسيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وسيرة الصحابة والعِترة وهو معتمدٌ عند الزيدية يكثرون النقل عنه، والإفادة منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>