للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأنها فوقَ قاماتٍ ضَعُفْنَ بها ... أوائل النار في أطراف كبريتِ (١)

وقالوا: فلان كالأسد، وفلانٌ أسدٌ، لم يُريدوا في بشاعة وجهه، وكريه صورته، وفلانٌ كالبحر، لم يُريدوا في مُلوحَةِ مائِهِ، وكراهية رائحته.

وقد يكون التشبيه للهيئة (٢) مثل قوله:

كأن مُثارَ النقع فوق رُؤوسنا ... وأسيافُنا ليلٌ تهاوى كواكبهْ (٣)

ومما يجري مجرى النصِّ في هذا الموضع بيت علماء المعاني المشهور (٤):


(١) البيتان لابن الرومي يَصِفُ البنفسج وقبلهما:
بنفسج جُمِعَتْ أوراقُه فحكى ... كُحلاً تشرَّب دمعاً يوم تشتيتِ
انظر " معاهد التنصيص " ٢/ ٥٦.
(٢) ويقال للتشبيه الذي من هذا النوع التشبيه التمثيلي وهو الذي يكون وجه الشبه فيه صوراً من أمورٍ متعددة، ووجه الشبه في بيت بشار هذا هو الهيئة الحاصلة من هوي أجرام مشرقة مستطيلة، متناسبة المقدار متفرقة في جوانب شيء مظلم، وذلك متحقق في المشبه والمشبه به، إذ أن المشبه هو النقع المثار الذي تتحرك فيه السيوف، والمشبه به هو الليل تتساقط كواكبه، وكلاهما أمرٌ حِسّي.
(٣) البيت لبشار بن برد من قصيدة يمدح بها مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية، مطلعها:
جفا ودُّه فازَوَّر، أو مَلَّ صاحِبُه ... وأزرى به أن لا يزال يُعَاتِبُه
ومنها الأبيات السائرة:
إذا كنت في كُلِّ الأمور معاتباً ... صديقك لم تَلْقَ الذي لا تُعاتِبُه
فَعِشْ واحداً أو صِلْ أخاك فإنه ... مُقارِفُ ذنبٍ مرَّةً ومجانبُه
إذا أنت لم تشرب مِراراً على القذى ... ظمئتَ وأيُّ الناس تصفو مشاربُه
انظر " ديوان بشار " ١/ ٣٢٥ - ٤٣٠ بتحقيق الطاهر بن عاشور
(٤) هو للقاضي علي بن محمد بن داود التنوخي من أبيات أولها: =

<<  <  ج: ص:  >  >>