للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأن صُغرى وكُبرى من فَواقِعها ... حصباء دُرٍّ على أرضٍ من الذهبِ (١)

ومن لطائف هذا النوع: قول أبي نواس أيضاً في وصف هرٍّ أبيض في أطرافه حُمرةٌ:

عيونٌ من لُجَيْنٍ شاخصاتٍ (٢) ... على أطرافها الذهبُ السبيكُ

على قُضْبِ الزبرجد شاهِداتٍ ... بأن الله ليس له شريكُ

وقد أذكر في الخوض في هذا قصةً طريفةً ذكرها ابن خلكان في " تاريخه " (٣)، وذلك أن بعض الطلبة قرأ على أبي البقاء ابن يعيش (٤):

أيا ظبية الوَعْسَاءِ بين جُلاجلٍ ... وبين النَّقا آأنتِ أمْ أمُّ سالمِ (٥)

فقال الطالب: وكيف اشتبه ذلك عليه، والظبية لا تُشْبِهُ المرأة، فبيّن له أبو البقاء أن المراد: التشبيه في العُنُقِ والعينين، فلم يفهم، وأعاد السؤال عن وجه المشابهة بين المرأة والظبية، وقال: ما الذي المرأة فيه مثل الظبية، فقال أبو البقاء: في (٦) قرونها وأظلافها.


(١) " ديوانه " ص ٢٤٣، وهو من أبيات مطلعها:
ساعٍ بكأسٍ إلى ناسٍ على طربٍ ... كلاهما عجبٌ في منظرٍ عَجبِ
(٢) في (ف) و (د): " ناظرات ".
(٣) " وفيات الأعيان " ٧/ ٤٨ - ٤٩.
(٤) هو العلامة موفق الدين أبو البقاء يعيش بن علي بن يعيش بن أبي السرايا الأسدي، المتوفى سنة ٦٤٣ هـ. انظر ترجمته في " السير " ٢٣/ ١٤٤.
(٥) هو البيت الرابع والأربعون من قصيدة لذي الرُّمّة يمدح بها الملازم بن حريث الحنفي، مطلعها:
خليلي عُوجا الناعجات فسلما ... على طَلَلٍ بين النقا والأخارمِ
والوعثاء: رابية من الرمل من التيه تنبت أحرار البقول وجلاجل: موضع.
انظر " الديوان " ٢/ ٧٤٥ - ٧٧٥.
(٦) " في " ساقطة من (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>