للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ذلك ما جاء في حديث رجم ماعزٍ في حدِّ الزِّنى، وهي متأخرةٌ بعد نزول الحدود، وفيها أنه نهى عن الاستغفار له في الابتداء، ثم استغفر له، وأمر بالاستغفار له، وهي أحاديث صحيحةٌ شهيرةٌ (١).

فإن قيل: إنما استغفر له على ظاهر التوبة.

قلنا: لو كان كذلك، لم يَنْهَ عن ذلك في الابتداء، بل أراد التشديد، ثم أمر بخلافه، والله أعلم.

وكذلك قد ورد القرآن بالأمر بالأذى للزاني، ثم نهى عن ذلك بعد نزولِ الحدود، فقال في الأمر بحدِّ الأمة: " لا يعيِّرُوها، ولا يُثَرِّب عليها " متفق عليه (٢).

وكذلك نهى عن سبِّ شارب الخمر بعد نزول الحدود، وقال: " لا تُعينوا الشيطان على أخيكم، أما إنه يحبُّ الله ورسوله ". رواه البخاري (٣).

ومن ذلك قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: ١١٠].

وعن أبي الدرداء، قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا جلس وجلسنا حوله، فأراد أن يقوم، ترك نعليه، أو بعض ما يكونُ عليه، وأنه قام وترك نعليه، فأخذتُ رَكْوَةً من ماءٍ فاتَّبعتُه، فرجع ولم يقض حاجته، فقلت: يارسول الله، ألم تكن لك حاجةٌ؟ قال: " بلى (٤)، ولكن أتاني آتٍ من ربِّي، فقال: {مَنْ يَعْمَلْ سوءاً أو يَظْلِمْ نَفْسَهُ


(١) تقدم تخريجه ١/ ٢٦٠، وانظر ص ١٥٣ - ١٥٤ من هذا الجزء.
(٢) نص الحديث بتمامه: " إذا زنت الأمة، فتبين زناها، فليجلدها ولا يُثَرِّب عليها، ثم إن زنت، فليجلدها ولا يثرب عليها، ثم إن زنت الثالثة، فليبعها ولو بحبل من شعر ". أخرجه من حديث أبي هريرة أحمد ٢/ ٢٤٩ و٤٩٤، والبخاري (٢١٥٢) و (٢٢٣٤) و (٦٨٣٩) -واللفظ له-، ومسلم (١٧٠٣)، وأبو داود (٤٤٧٠) و (٤٤٧١).
(٣) برقم (٦٧٨٠)، وأخرجه أيضاً أبو يعلى (١٧٦)، والبيهقي ٨/ ٣١٢.
(٤) في (ش): " لا ".

<<  <  ج: ص:  >  >>