للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديث سمُرَةَ في الرؤيا النبوية الطويلة أنه رأى قوماً نصف خلقهم كأقبح ما رأى، ونصفها كأحسن ما رأى، فغُمِسُوا في نهرٍ، فخرجوا منه، وصارُوا كلهم كأحسن ما رأى، فقيل له: إنهم خَلَطُوا عملاً صالحاً وآخر سيِّئاً، تاب الله عليهم.

وهذا أصح من تفسيرهم بالتائبين سنداً ونظراً.

أمَّا السَّندُ، فظاهر، خُصوصاً على رأي الخصوم، فإنَّ البخاري رواه من حديث عوف بن أبي جميلة الأعرابي. وثَّقه أحمد، وابن معين والنسائي، وبالغ، ومحمد بن عبد الله الأنصارى وبالغ أيضاً، ولم يقدح فيه إلاَّ بالتَّشيُّع والاعتزال.

وأما النظر، فإن الله ذكر هؤلاء بعد ذكر السابقين من المهاجرين والأنصار، فلو أراد بالخالطين: التائبين، لكانوا من الخالطين، لأنهم خلطوا الكفر المقدَّم بالإسلام المتأخِّرِ، وتابو من أكبر الكبائر، وهو الشرك بالله، إلاَّ عليّاً عليه السلام، وهذه الآية مدنيةٌ وفاقاً.

ومن ذلك قوله تعالى: {فَمَنْ تَصَدَّقَ به فهو كَفَّارةٌ له} [المائدة: ٤٥]، و" المائدة " من آخر ما أنزل، منسوخ منها.

وروى أحمد في " المسند " (١) من حديث مُجالدٍ، عن عامر، عن المحرَّر بن أبي هريرة، عن رجُلٍ من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " من أُصيبَ بشيءٍ في جسده، فتركه لله، كان كفَّارةً له " وهذا في معنى الآية. هكذا وجدته في " جامع المسانيد " لابن الجوزي. وأظنُّه من أغلاط النُّسَّاخ، وصوابه -إن شاء الله- المحرز بن هارون (٢) القرشي التَّيميُّ المدني، يروي عن الأعرج، عن أبي


(١) ٥/ ٤١٢، لكن جاء فيه عن رجل، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. ومجالد بن سعيد ضعيف، والمحرر بن أبي هريرة لم يوثقه غير ابن حبان.
(٢) جاء في هامش (ف) ما نصه: هذا وهم، فإن المحرر بن أبي هريرة الدوسي الصحابي -بمهملات، كمحمد- من رجال النسائي وابن ماجه. قال الحافظ ابن حجر: مقبول.

<<  <  ج: ص:  >  >>