للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها أيضاً حديث الذي أوجب النار (١)، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه أن يعتقوا عنه رقبةً يعتق الله بكل عضوٍ منها عضواً منه من النار، رواه أبو داود، والنسائي من طريق إبراهيم، عن الغريف بن عيَّاشٍ، عن واثلة، ورواه الإمام أحمد (٢) والذي وَرَّخه بتبوك ابن عبد البر، وهو متأخِّرٌ عن الوعيد لقوله: " أوجب النار ".

وحديث ابن مسعود: لمَّا أُسرِيَ برسول الله - صلى الله عليه وسلم - انتهي به إلى سدْرَةِ المنتهى، وهي في السماء السادسة، وإليها ينتهي ما يُعْرَجُ به من الأرض، فيُقبَضُ منها، وإليها ينتهي ما يُهبط به (٣) من فوقها، فيُقبض منها، فأعطي ثلاثاً: الصلوات الخمس، وخواتيم سورة البقرة، وغُفِرَ لمن لا يُشرِكُ بالله من أمته شيئاً المُقْحِمَاتُ. رواه مسلم والنسائي والترمذي، وفي لفظِ الترمذي: " فأعطاه الله ثلاثاً لم يعطِهِنَّ نبيَّاً قبله، وقال في الثالثة: وغَفَرَ لأُمَّته المُقْحِمَاتِ ما لم يشركوا بالله شيئاً " (٤).

قال ابن الأثير في " جامع الأصول " (٥): هي الذنوب التي تُقْحِمْ صاحبها في النار، أي: تُلقيه فيها، وهذا يردُّ على من زعم أن أحاديث الرجاء قبل أن تُفرض الفرائض، كما تقدم عن الزُّهري والطبري.

ومن ذلك قوله تعالى في " آل عمران "، وهي مدنيةٌ: {وكنتم على شَفَا حُفرةٍ من النار فأنقذكم منها} [آل عمران: ١٠٣]، وهذا خبرٌ جازمٌ بأنه قد أنقذهم من النار، وهو خطابٌ عامٌّ لأهل الإسلام، كما لو أمرهم ونهاهم توجَّه إليهم


(١) في (ش): " أوجب النار بالقتل ".
(٢) أخرجه أحمد ٣/ ٤٩٠ - ٤٩١، و٤/ ١٠٧، وأبو داود (٣٩٦٤)، والنسائي في العتق من " الكبرى " كما في " التحفة " ٩/ ٧٩، وصححه ابن حبان (٤٣٠٧)، وانظر تمام تخريجه فيه.
(٣) " به " ساقطة من (ف).
(٤) أخرجه مسلم (١٧٣)، والترمذي (٣٢٧٦)، والنسائي ١/ ٢٢٣ - ٢٢٤.
(٥) ١١/ ٣٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>