للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجميع، وقد ذكر السبكي في " جمع الجوامع " أن العموم يثبُتُ في مثل ذلك عُرفاً، والله سبحانه أعلم.

وُيشبه هذه الآية الكريمة في خطاب أهل الإسلام بالمُبَشِّرات قوله تعالى: {فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُم} [محمد: ٣٥] من أعظم آيات الرجاء المبشرات لمن يعقِلُ هذه المعيَّة، فإنها هنا معية النصر (١) والعون والرحمة، ونحو ذلك، لا معية العلم، فإنها عامة للكافرين والمسلمين، وترد للوعيد وللبشرى.

ومثل حديث فضل يوم عرفة، وما يقع فيه من المغفرة، وتحمُّلِ المظالم، وتاريخه بحجة الوداع، بل فيه أن ذلك لكل من حج البيت من أمته - صلى الله عليه وسلم - إلى يوم القيامة، وهذا مما لا يصح نسخه مع تأخره أيضاً، وله طرق أربع مذكورةٌ في كتب الحديث والمناسك، منهم من ذكر بعضها، ومنهم من جمعها.

فممَّن (٢) ذكر بعضها ابن عبد البر، وأبو داود (٣)، وابن ماجة (٤)، والبيهقي (٥)، والشريف القاضي تقيُّ الدين محمد بن أحمد المكي، ومحبُّ الدين الطبري في كتابه " القرى " (٦)، وعبد الله بن المبارك، وممن ذكرها كلَّها (٧) الحافظ المنذري في كتابه " الترغيب والترهيب " (٨).

وأصح طرقه طريق عبد الله بن المبارك عن سفيان الثوري، عن الزبير بن عديٍّ، عن أنسٍ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن هذه الطريق رواه الحافظ العلامة ابن عبد البر في كتابه " التمهيد "، ولم يضعِّفه ولا أعلَّه واحدٌ منهما، ولفظه: " إن الله غفر لأهل عرفات والمَشْعَرِ وتحمَّلَ عنهم التبعات "، وفي هذه الرواية هذا


(١) تحرفت في (ش) إلى: " النظر ".
(٢) في (ش): " فمن "، وهو خطأ.
(٣) برقم (٥٢٣٤)، مختصراً ولم يسبق لفظه.
(٤) برقم (٣٠١٣).
(٥) في " السنن الكبرى " ٥/ ١١٨.
(٦) ص ٤٠٨.
(٧) " كلها " ساقطة من (ش).
(٨) ٢/ ٢٠٢ - ٢٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>