للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما أوردت الحديث هنا، لأنه يدل على تأخره بعد تحريم المحرَّمات، وبعد نزول قوله تعالى: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا} [التوبة: ١٠٢]، وهي مدنيَّةٌ متأخِّرةٌ (١)، وهو يُقَوِّي حديث البخاري عن سَمُرَةَ في تفسير الخالطين (٢)، ولله الحمد.

ومما يَرِدُ على الزهري والطبري من النظر: وجهان:

أحدهما: أن الزنى والسرقة ما زالا محرَّمَيْنِ من أول الإسلام، ولعلَّ بعضَ العلماء من أهل الأُصول يذكرون أن الزنى محرَّمٌ في جميع الشرائع، ويدل على تقدُّم تحريمه على هذه الأحاديث قول أبي ذرٍّ حين سَمِعَ البُشرى بالجنة للمُوحِّدين: وإن زنى وإن سرق. قال في الرابعة: " على رُغْمِ أنفِ أبي ذرٍّ " رواه البخاري ومسلم، وفي " البخاري ": " دخل الجنة، ولم يدخل النار " (٣). وكذلك قول أبي الدرداء في الحديث المتقدم، فلولا أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: ذلك بعد تحريم الزنى والسرقة، ما قالوا له ذلك، ولا قال لهم: " على رغم أنف أبي ذرٍّ وأبي الدرداء "، ولأخبرهما (٤) بتأويل ذلك.

وكذلك حديثُ معاذٍ المتفق عليه، وفيه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له وهو رديفه: " إن حق الله على عباده أن يعبُدُوه ولا يُشركُوا به شيئاً، وحق العباد على الله إذا فعلوا ذلك أن لا يُعَذِّبَهُم "، فقلت: أفلا أُبَشِّرُ الناس؟ قال: " لا تبشِّرْهُم فيتَّكِلُوا ".


= فاشترى له به شاتين، فباع إحداهما بدينار، فجاء بدينار وشاة، فدعا له بالبركة في بيعه، وكان لو اشترى التراب لربح فيه.
(١) " متأخرة " ساقطة من (ش).
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) أخرجه البخاري (١٢٣٧) و (٢٣٨٨) و (٣٢٢٢) و (٥٨٢٧) و (٦٢٦٨) و (٦٤٤٣) و (٧٤٨٧)، ومسلم (٩٤)، وأحمد ٥/ ١٦٦، والترمذي (٢٦٤٤).
(٤) في (ش): " ولا أخبرهما "، وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>