للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجة الأول: أنه ليس في ذلك ظلم اليهود (١) والنصارى على جميع المذاهب، أما الأشعرية، فظاهر، وأما أهل السنة والمعتزلة فلأن اليهود والنصارى عادوا المسلمين في الدنيا، وظلموهم بالعداوة والسَّبِّ، وكثيرٌ منهم بالخوف والقتل والحرب، وما استطاعوا من أنواع المضار قتالاً وقتلاً وغِيلةً، وغشّاً، ونيةً وبُغضاً.

وقد ثبت وجوب القصاص بين المسلمين بعضهم من بعض، بل بين الشاة الجماء والقرناء، فكيف لا يُنْتَصَفُ (٢) للمسلمين من أكفر الكافرين؟ والله تعالى يقول: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَاد} [غافر: ٥١]، وقد صح أن القِصاص إنما هو بالحسنات والسيئات إن كان للظالم حسناتٌ، أخذ منها (٣) المظلوم بقدر مَظْلِمَتِهِ، وإن لم تكن له حسنات، حَمَلَ الظالم من ذنوب المظلوم بقدر مظلمته، وسيأتي أن هذا من العدل الذي لا يُناقِضُ قوله تعالى: {ولا تزر وازرةٌ وِزْرَ أُخرى} [الإسراء: ١٥]، لأن المقصد أنها لا تُظْلَمُ بتحميلها وزر الأخرى أما إذا كان على وجه الانتصاف من الظالم للمظلوم، فإنه يكون من العدل، ومنه قوله تعالى: {وأثقالاً مع أثقالهم} [العنكبوت: ١٣]، وقوله تعالى حكايةً عن ابن آدم الصالح. {إني أُرِيدُ أن تَبُوأَ بإثمي وإثمك} [المائدة: ٢٩] وكذلك ورد في الأحاديث الصحاح (٤) أن من سنَّ سُنَّةً سيئةً كان عليه إثمُها وإثم من عَمِلَ بها من غير أن يَنْقُصُ من آثامهم (٥)، وأن على ابن آدم القاتل لأخيه إثم من قَتَلَ إلى يوم القيامة (٦)، وإلى ذلك أشار


(١) في (ف): " لليهود ".
(٢) في (ف): " ينصف ".
(٣) في (ف): " أخذها ".
(٤) ساقطة من (ش).
(٥) أخرجه من حديث جرير بن عبد الله: أحمد ٤/ ٣٥٧ و٣٥٨ و٣٥٩ و٣٦٠ و٣٦١ - ٣٦٢، ومسلم (١٠١٧)، والطيالسي (٦٧٠)، والنسائي ٥/ ٧٥ - ٧٧، والطحاوي في " شرح معاني الآثار " (٢٤٣) و (٢٤٤) و (٢٤٥) و (٢٤٨)، والبيهقي ٤/ ١٧٥ - ١٧٦، والبغوي (١٦٦١).
(٦) أخرجه البخاري (٣٣٣٥) و (٦٨٦٧) و (٧٣٢١)، ومسلم (١٦٧٧)، والترمذي =

<<  <  ج: ص:  >  >>