للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: شُتَير بن نهار، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " إن حُسْنَ الظن بالله من حُسْنِ العبادة " (١).

وفي الصحيح، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الله تعالى يقول: " أنا عند ظن عبدي فليظن بي ما شاء " (٢) ويشهدُ لذلك من كتاب الله تعالى مثل قوله في الحجرات [١٢]: {واتقوا الله إن الله توابٌ رحيمٌ} فجعل هذين الوصفين الحميدين من البواعث على التقوى، ولذلك هيَّج بذكرهما قلوبَ المتقين عند الأمر بالتقوى.

وأما قوله في غيرها: {فكلوا مما غنمتم حلالاً طيباً، واتقوا الله إن الله غفور رحيم} [الأنفال: ٦٩]، فيحتمل أنه تأكيدٌ لأول آية، ويقوي هذا المعنى ما عُلِمَ من أن المقصود الأعظم في النبوات هو الدعاء إلى توحيد الله، وأن يكون هو المخصوصٌ بالدعاء والعبادة، وهو المذكور في عالم الذر (٣) وفي فتنة القبر وحده وِفاقاً، ألا ترى إلى قوله تعالى في " إبراهيم ": {إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (١٣١) وأوْصى (٤) بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّين} إلى قوله في وصية يعقوب: {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيم}، إلى: {وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُون} [البقرة: ١٣١ - ١٣٣]، بل حكى الله عزَّ وجلَّ هذا عن الرسل كلهم.


(١) أخرجه أحمد ٢/ ٢٩٧ و٣٠٤ و٣٥٩ و٤٠٧ و٤٩١، وأبو داود (٤٩٩٣)، والترمذي (٣٦٠٤)، وابن حبان (٦٣١)، والحاكم ٤/ ٢٤١. وسُمير بن نهار لا يعرف.
(٢) هذا لفظ حديث واثلة بن الأسقع، ولم يخرجه الشيخان ولا أحدُهما، ولا أصحابُ السنن، وإنما خرجه ابن المبارك في " الزهد " (٩٠٩)، وأحمد ٣/ ٤٩١ و٤/ ١٠٦، والدارمي ٢/ ٣٠٥، وابن حبان (٦٣٣) و (٦٣٤) و (٦٣٥)، والدولابي ٢/ ١٣٧ - ١٣٨، والطبراني ٢٢/ (٢١٠) و (٢١١).
وأخرجه البخاري ومسلم وغيرهما من حديث أبي هريرة وليس فيه: " فليظن بي ما شاء ".
انظر تخريجه في " صحيح ابن حبان " (٦٣٩) و (٨١١) و (٨١٢).
(٣) في (د) و (ف): " المذر ".
(٤) هي قراءة نافع وابن عمر، وقرأ الباقون: " ووَصَّى ". انظر " حجة القراءات " ص ١١٥، و" زاد المسير " ١/ ١٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>