فقال تعالى في سورة السجدة [وهي فصلت: ١٤]: {إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ}.
وفي الأنبياء: {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلاَّ يُوحىَ (١) إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون} [الأنبياء: ٢٥].
وفي المؤمنين [٢٣ و٣٢] نحو هذا عن نوحٍ وغيره.
وفي يوسف عليه السلام [٤٠] نحوه عنه، ويقرُبُ منه قوله في حم عسق [الشورى: ١٣]: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ}.
وقريب منه ما ذكرته من تفسير الدين بذلك قوله:{كَبُرَ على المشركين} مع ما تبين في غير هذه الآية من تفسير الدين بذلك كآية السجدة التي تقدَّمت الآن، وما يأتي في تفسير الصراط المستقيم، وكقوله:{ومن يرتدد منكم عن دينه}[البقرة: ٢١٧]، والرِّدَّةُ لا تكون بذنبٍ دونَ الكفر إجماعاً، يؤيده أن هذا هو الصراط المستقيم كما دل عليه القرآن، قال الله تعالى في يس [٦١]: {وأنِ اعبدوني هذا صراطٌ مستقيمٌ}.
وقال تعالى حكايةً عن عيسى عليه السلام:{إن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم}[آل عمران: ٥١].
وفي حديث النَّوَّاس بن سَمْعَان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إن الله ضرب مثلاً صراطاً مستقيماً على كَنفَي الصِّراط سُوران لهما أبوابٌ مُفَتَّحَةٌ، على الأبواب سُتورٌ، وداعٍ يدعو على رأس الصراط، وداعٍ يدعو فوقه:{والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم}[يونس: ٢٥]، والأبواب التي
(١) هي قراءة غير حمزة والكسائي وحفص، أما هؤلاء فقراءتهم بالنون " نُوحي ". انظر " الكشف عن وجوه القراءات " ٢/ ١٥، و" حجة القراءات " ص ٤٦٦ - ٤٦٧.