للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرابعة: أُشهِدُكم أنِّي قد غفرتُ لعبدي فليعمل ما شاء" رواه البخاري، ومسلم، والنسائي وأحمد (١)، وله شواهد، وهو يأتي بشواهده قريباً في الفرق بين الإسلام والإيمان، وسيأتي الاختلاف (٢) في تفسير الإصرار.

والجواب عن معارضة هذه الأدلة الخمسة الجليَّة بما ظنه بعضهم في قوله تعالى في اليهود: {يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ} [الأعراف: ١٦٩]، فإن هذه في اليهود الكفار، ثم في حقوق المخلوقين، ثم في التألِّي على الله بالخبر القاطع، وقد جاء: " من يتألَّ على الله يُكَذِّبْه " (٣)، ولما قالت امرأة عثمان بن مظعون: إنه في الجنة، زَجَرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأثنى عليه، وقال: " إني لأرجو له الخير " (٤) فاليهود لم يستغفروا مُشفقين مجوِّزين للعفو والعقوبة، بل أخبروا عمَّا لم يُحيطوا به علماً، ولم يَنْقِمْ عليهم أنهم كلما أذنبوا، استغفروا، ولا قال أحدٌ بقُبح الاستغفار من العاصي لنفسه، حتى الوعيدية إنما قبَّحوا من الغير أن يستغفر للعاصي، وقد بَسَطْتُ جوابه في الإجادة. وربَّما يأتي في الكلام على الإصرار، فهي كقولهم: {لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ} [آل عمران: ٧٥]، وقولهم: لن تمسَّهم النار إلاَّ سبعة أيام (٥)، وقد قال الله تعالى في نحو ذلك: {وتَصِفُ ألسنتُهم الكَذِبَ أن لَهُم


(١) البخاري (٧٥٠٧)، ومسلم (٢٧٥٨)، والنسائي في " عمل اليوم والليلة " (٤١٩)، وأحمد ٢/ ٢٩٦ و٤٠٥ و٤٩٢.
(٢) في (ف): " الخلاف ".
(٣) قطعة من أثر مطول رواه ابن أبي شيبة ١٣/ ٢٩٧ من طريق سفيان الثوري عن عبد الرحمن بن عابس، عن إياس، عن عبد الله بن مسعود.
(٤) أخرجه البخاري (١٢٤٣) و (٢٦٨٧) و (٣٩٢٩) و (٧٠٠٣) و (٧٠٠٤) و (٧٠١٨).
والنسائي في " الكبرى " كما في " التحفة " ١٣/ ٩٤، وعبد الرزاق في " المصنف " (٢٠٤٢٢) من حديث أم العلاء الأنصارية.
(٥) أخرجه الطبري في تفسير الآية: {وقالوا لن تمسَّنا النارُ إلاَّ أياما معدودةً} برقم (١٤١٠) و (١٤١١)، والواحدي ص ١٦ عن ابن عباس موقوفاً قال: كانت يهودُ يقولون: إنما مدة الدنيا سبعة آلاف سنة، وإنما يعذّب اللهُ الناسَ يوم القيامة بكل ألف سنة من أيام الدنيا =

<<  <  ج: ص:  >  >>