للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السابع: قوله تعالى في حق بني إسرائيل: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: ٥٨]، فقوله: {قولوا حِطَّةٌ} بمعنى حُطَّ عنا ذنوبنا عند الجميع، وهذا نظير الاستغفار، ولذلك قيل: بدّلوا قولاً غير الذي قيل لهم، فإذا كان هذا منصوصاً في بني إسرائيل فكيف فيمن خَفَّفَ الله عنهم، وحَطَّ عنهم الأغلال التي كانت على من قبلهم.

الثامن: ما جاء في حديث الخليل عليه السلام من قوله تعالى: " إن قَصْرَ عبدي مني إحدى ثلاثٍ: إما أن يتوب فأتوب عليه، أو يستغفرني فأغفر له، أو أُخْرِجَ من صلبه من يعبدني " رواه الهيثمي في " مجمع الزوائد " من حديث جابر، وقال: رواه الطبراني في " الأوسط " (١).

وقد تقدم أن الزمخشري روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " لا كبيرة مع الاستغفار " (٢) فإن كان هذا باطلاً حَرُمَت عليه روايته وإن كان صحيحاً، أو يجوز أن يكون صحيحاً، بَطَلَ قطعه بالوعيد على الكبائر في حق من يجوز أنه من المستغفرين في اللغة التي لا يَحِلُّ (٣) تفسير القرآن والسنة بغيرها، وهو أجلُّ من أن يجهَلَ أن الاستغفار في علم التصريف: استفعالٌ من طلب المغفرة، كالاستطعام وأمثاله مما تقدم.

أما أهل السنة، فلم أرَ أحداً منهم ذكره، ولا صَحَّحه، لكن روى أبو داود والترمذي بإسنادٍ صالح من حديث أبي بكر رضي الله عنه، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال: " ما أصَرَّ من استغفر وإن عاد في اليوم سبعين مرةً " (٤) وله شواهد بغير لفظه، منها حديث أبي هريرة عنه - صلى الله عليه وسلم -، أن رجلاً أذنب، فقال: اللهُمَّ اغفر لي، فقال تعالى: "عبدي أذنب ذنباً فعلِمَ أن له رباً يغفِرُ الذنب ويأخُذُ به، قد غفرتُ لعبدي، فعاد فأذنبَ فقال مثل ذلك، فقال الله تعالى مثل ذلك حتى قال في


(١) تقدم تخريجه في الجزء السادس والسابع.
(٢) تقدم تخريجه ص ١٧٣.
(٣) في (ف): " يجوز.
(٤) تقدم تخريجه ص ١٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>