للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" تفسيره " (١) كما قرَّره في أوله، فوافق الحاكم اختياري، وخاتمة الآية تدُلُّ عليه، وهو قوله: {إن ربي قريبٌ مُجيبٌ} في الآية الأولى في هود، وهو الظاهر كما يوضحه في الوجه الذي بعدَه.

الرابع: أن الفرق بينهما هو الظاهر في اللغة، فالاستغفار قولٌ باللسان معناه: طلب المغفرة وسؤالها، كالاسترزاق: طلب الرزق، والاستطعام: طلب الطعام، والاستسقاء: طلب السقيا، فثبت أنه من أعمال الجوارح، والتوبة من أعمال القلوب بالإجماع، فمن جعلَهُما شيئاً واحداً، فعليه الدليل، لأنه خالف الظاهر، لا من فرق بينهما.

الخامس: أنه قد صَحَّ الاستغفار مما تقدَّمَ ومما تأخَّرَ، كما في حديث التشهُّد في " صحيح مسلم " (٢) من رواية علي عليه السلام: " اللهم اغفِرْ لي ما قَدَّمْتُ وما أخَّرتُ " الحديث، وكذا في حديث قيام الليل: " اللهم لك الحمد، أنت قَيِّمُ السماوات والأرض ومَنْ فيهن " إلى قوله: فاغفر لي ما قَدَّمْتُ وما أخَّرتُ " رواه البخاري (٣) من حديث ابن عباس، وكذا في دعاء السجود عنه - صلى الله عليه وسلم -: " اللهم اغْفِرْ لي ذنبي كُلَّه دِقَّه وجِلَّه أوَّله وآخرَه " خرَّجاه (٤)، ولا تَصِحُّ التوبة من الذنوب المستقبلة بالإجماع.

السادس: قوله تعالى: {والمستغفرين بالأسحار} [آل عمران: ١٧]، وما صح من تخصيص قبول الاستغفار في جوف الليل، فإنه لا معنى لتخصيص التوبة بالأسحار، بل هي واجبةٌ على الفَوْرِ، أي: وقت وقع الذنب تَضَيَّقَ وجوب التوبة والبِدار بها، وكذلك وجوب قبولها عند المخالف.


(١) منه نسخة خطية في الجامع الكبير بصنعاء (تفسير ١٣). انظر " فهرس مخطوطات المكتبة الغربية " ص ٨.
(٢) رقم (٧٧١).
(٣) رقم (١١٢٠) و (٦٣١٧) و (٧٣٨٥) و (٧٤٤٢) و (٧٤٩٩).
(٤) في الأصول: " عن عائشة "، وهو سبق قلم، ثم إنه من أفراد مسلم وليس هو في البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>