للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ} [الممتحنة: ١٠]، كما يأتي.

والذي يوضح هذا -مع ظهوره- لغةٌ قوله تعالى في هذه السورة بعد هذه الآية بقليل: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ (١٠) وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ} [العنكبوت: ١٠ - ١١]. فأبدل الذين آمنوا من الذين صدقوا، وأبدل المنافقين من الكاذبين.

وكذلك قوله تعالى في سورة براءة [٤٢ - ٤٣]: {وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (٤٢) عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ}، وكذا قوله: {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُون} [التوبة: ٧٧]، وقوله في الثلاثة المخلَّفين: {اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} [التوبة: ١١٩]، كله لم يتأوَّل (١) فيه الصدق والكذب بغير معناهما السابق إلى الفهم.

الآية السادسة: قوله تعالى: {يوم ينفعُ الصادقين صِدْقُهُم} [المائدة: ١١٩]، وحقيقة الصدق في القول، وقد يكون في الفعل على جهة التَّجوُّز، كما أوضحه الزمخشري في " أساس البلاغة " (٢)، فقال في حرف الصَّاد مع الدال المهملة: صدقته الحديث [في مَثَلٍ]: وصَدَقني سِنَّ وسِنُّ بَكْرِه (٣)، وصادقه ولم يُكاذبه، وتصادقا ولم يتكاذبا، وصدقه فيما قال، وقوله مصدَّقٌ، ورجلٌ صدوقٌ من قومٍ صُدُقٍ، ورجل صِدِّيق، وعنده مصداق ذلك، وهو ما يُصدِّقُه من الدليل. إلى قوله: ومن المجاز رجلٌ صادقُ المحملة، وذو مَصْدَقٍ في القتال،


(١) في (د) و (ف): " يتناول ".
(٢) ص ٣٥١.
(٣) انظر " فصل المقال " ص ٤١، و" مجمع الأمثال " ص ٣٩٢، و" المستقصى في الأمثال " ٢/ ١٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>